أنت حر ما لم تضر الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر | ِAlmelhem

أفضل موقع عربي في جودة المحتوى ودقة المعلومة

00

آخر الأخبار

الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر

بتاريخ 3:14 م بواسطة ADMIN


نشرت وكالة (آي بي إس) على موقعها اليوم (23 يونيو) الجزء الأول من تقرير خاص للكاتب جاريث بورتر من واشنطن يوم أمس، عنوّنه (Al Qaeda Excluded from the Suspects List) جاء فيه:

في 25 يونيو 1995، إنفجرت شاحنة مفخّخة عند مبنى في مجمع أبراج الخبر، بالسعودية، والذي يأوي طاقم القوات الجوية الأميركية، وأدّى الإنفجار إلى مقتل 19 من عناصر القوة الجوية وجرح 372 آخرين.

وصدرت أوامر، عقب وقوع الإنفجار مباشرة، لأكثر من 125 موظفاً في هيئة التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) بحضور الموقع للوقوف على القرائن وبدء التحقيق حول المسؤول عن التفجير. ولكن بعد وصول إثنين من موظفي السفارة الأميركية الى موقع التفجير في صباح اليوم التالي لحظا بأن جرافة بدأت بتجريف مشهد الجريمة بالكامل.

ولم تتوقف الجرافة السعودية إلا بعد أن هدّد سكت إرسكن، المبعوث الخاص لهيئة التحقيقات الفيدرالية الخاص بالتحقيقات في الإرهاب الدولي، بأن وزير الخارجية وارن كريستوفر، الذي صادف وجوده في السعودية حين وقوع الإنفجار، سيتدخل شخصياً في الأمر.

المخابرات الأميركية اخترقت اتصالات من مستويات عليا في الحكومة السعودية، بما فيها وزير الداخلية، مع أمير المنطقة الشرقية ومسؤولين آخرين فيها يطلب منهم التعاون مع المسؤولين الأميركيين خلال فترة التحقيق على أن يعيقوا عملهم في كل مرة.

كان ذلك بداية ما تكشف عنه المقابلات مع أكثر من عشرة مصادر ذات صلة بالتحقيقات ومعلومات أخرى متوفرة بأن جهداً منظماً من قبل السعوديين لتعطيل سير التحقيقات الأميركية حول الإنفجار، وخداع الولايات المتحدة حول من كان المسؤول عن التفجير.

وقد أدار النظام السعودي تحقيقات الإف بي آي باتجاه إيران وحلفائها الشيعة السعوديين مع وجود نيّة واضحة بإبعاد المسؤولين الأميركيين عن أثر الدليل الذي سيقود إلى أسامة بن لادن ومنظومة معقّدة من الروابط بين النظام والقائد الإرهابي السعودي.

إن مفتاح نجاح الخداع السعودي كان مدير (إف بي آي) لويس فريح، الذي تحمّل شخصياً تحقيقات إف بي آي، والذي أملى على الهيئة بأنه كان (مسؤول القضية) عن التحقيق، بحسب مسؤلين سابقين في إف بي آي.

وقد سمح فريح للسفير السعودي الأمير بندر بن سلطان بإقناعه بأن إيران كانت ضالعة في التفجير، وأن الرئيس بيل كلينتون، الذي يكنّ له كراهية عميقة، لم تكن لديه الرغبة في مواجهة حقيقة كون إيران هي من قامت بتفجير الأبراج، كما كتب فريح ذلك في مذكراته.

تحقيقات أبراج الخبر أصبحت على الفور ثأر فريح ضد كلينتون. وبحسب جاك كلونان، عميل سابق لـ إف بي آي، (كان فريح يقوم بذلك لحساب أجندته الشخصية).

ويتذكّر مسؤول سابق رفيع المستوى في إف بي آي، بأن فريح (كان دائماً يلتقى مع بندر). وأن كثيراً من تلك اللقاءات لم يكن يتم في مكتب فريح، ولكن في منزل بندر المؤّلف من 38 غرفة في ماكلين، في ولاية فيرجينيا.

في غضون ذلك، كان يرفض السعوديون طلبات إف بي آي الأساسية للتعاون. وحين ترأس راي ميسلوك قسم الأمن الوطني في مكتب واشنطن التابع لـ إف بي آي، طلب إذناً بإجراء مقابلات مباشرة مع شهود في المنازل المجاورة لموقع الإنفجار، ولكن السعوديين رفضوا ذلك.

ويقول ميسلوك بأن السعوديين أبلغوه (إنها مسؤوليتنا، وسنحن سنقوم بإجراء المقابلات).

ولكن السعوديين لم يقوموا بإجراء تلك المقابلات. وحدث الشيء ذاته حين طلب ميسلوك بالإطلاع على السجّلات الهاتفية في المناطقة المحيطة مباشرة بأبراج الخبر.

وبعد وقوع الإنفجار مباشرة، بدأ مسؤولون في المباحث السعودية بإبلاغ المسؤولين في اف بي آي وسي آي أيه بأنهم بدأوا باعتقال أعضاء مجموعة شيعية صغيرة تدعى (حزب الله)، والتي تعتقد أجهزة الاستخبارات السعودية والأميركية بأنها قريبة من إيران. وزعمت هذه الأجهزة بأن لديها معلومات استخبارية مستفيضة بعلاقة هذه المجموعة بانفجار أبراج الخبر.

.ولكن التقرير الذي رفع عنه السرية والذي يعود الى يوليو 1996 من قبل محللي وكالة الاستخبارات الأميركية سي آي أيه حول الإنفجار يكشف بأن مزاعم المباحث كانت تعتبر مريبة. وقال التقرير بأن المباحث السعودية (لم تقدّم أدلتها..كما لم تزوّد تفاصيل كثيرة حول تحقيقها).

مهما يكن، فإن فريح ألقى على نحو عاجل بالمسؤولية على الإيرانيين والشيعة السعوديين عن الإنفجار، فيما استبعد أي تحقيق فرضية أن تكون منظمة أسامة بن لادن، أي القاعدة، هي التي قامت بتفجير أبراج الخبر. وبحسب مسؤول سابق في إف بي آي شارك في التحقيقات ورفض الكشف عن هويته (لم يكن هناك، حتى مجرد الشك في ذهني، حول من قام بذلك).

.خبراء إف بي آي و سي آي أيه في موضوع أسامة بن لادن حاولوا، ولكن دون جدوى، بأن يلعبوا دوراً في تحقيقات أبراج الخبر. جاك كلونان، عضو وحدة آي ـ 49 في إف بي آي، والتي كانت تهيء لقضية قضائية ضد بن لادن في عمليات إرهابية سابقة، يتذكر بأنه طلب من المكتب الميداني في واشنطن (دبليو إف أو)، والذي كان لديه مسؤولية مباشرة عن التحقيق، بالسماح لوحدة آي ـ 49 بالمشاركة، ولكن تم رفض طلبه.

ويقول كلونان (أن المكتب الميداني في واشنطن (دبليو إف أو) كان شديد الحساسية، وقد أبلغنا (كلمة قذرة).

وحدة أسامة بن لادن في الـ سي آي أيه، والتي تأسست في بدايات 1996، قد تم استبعادها أيضاً من قبل قيادة الـ سي آي أيه من التحقيق في انفجار الخبر.

يومان أو ثلاثة بعد انفجار الخبر، كما يتذكّر دان كولمان، وهو عميل إف بي آي ويعمل في الوحدة، بأن الوكالة (أقفلت) على التحقيق، وخلقت ما يشبه خط سير سري، يسمح باطلاع محدود على المعلومات المتعلقّة بتحقيق الخبر من قبل فئة محدودة جداً من الناس في وكالة الاستخبارات المركزية، من الذين منحوا تلك الشفرة.

ولم يكن رئيس وحدة بن لادن في مركز مكافحة الإرهاب في السي آي ايه، مايكل سكيور، من بين تلك المجموعة الصغيرة.

مهما يكن، فإن سكيور أبلغ موظفيه بجمع كل المعلومات التي حصلت عليها المحطة من كل المصادر ـ البشرية، التنصتّات الالكترونية والمصادر المفتوحةـ بما يشير الى أن عملية للقاعدة ستقع في السعودية بعد انفجار الرياض في نوفمير 1995.

وكانت النتئجة أن مفكرة مؤلفة من أربع صفحات تقدّم الدليل على تنظيم القاعدة التابع لابن لادن كان يخطط لعمل عسكري بالمتفجرات في السعودية في 1996.

ويقول سكيور بأن (واحدة من الأماكن التي ورد ذكرها في المفكرة كانت الخبر)، ويضيف (فقد كانوا ينقلون متفجّرات من بور سعيد عبر قناة السويس الى البحر الأحمر الى اليمن، ومن ثم تهريبها من اليمن عبر الحدود مع السعودية).

وبعد أيام من استلام مفكرة الأربع صحفات الصادرة عن وحدة أسامة بن لادن، جاء رئيس مركز مكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات الأميركية وينستون ويلي، وهو أحد المسؤولين القلائل في الوكالة المطلّعين بقرب على التحقيق، الى مكتب سكيور وأغلق الباب. وفتح ويلي ملفاً يحتوي على وثيقة واحدة فقط بداخله، وهي عبارة عن تنصّت مترجم من اتصال إيراني داخلي كان يحتوي على إشارة أبراج الخبر. وسأل ويلي: هل أنت راضي؟

وأجاب سكيور بأن ذلك مجرد جزئية واحدة من المعلومات في ظل كم هائل من المعلومات يشير إلى إتجاه آخر. وقال ويلي (إذا كان ذلك هو كل ما هو متوفر سأقول بأن ذلك مثير ويجب متابعة التحقيق، ولكن ليس ذلك على سبيل الجزم).

ولكن الإشارة من قيادة وكالة سي آي أيه كانت واضحة: فقد تم تحديد إيران باعتبارها مسؤولة عن مخطط انفجار الخبر، وليس هناك مصلحة لتتبّع زاوية بن لادن.

في سبتمبر 1996، جاء الوكيل التجاري السابق لابن لادن، جمال الفضل، الذي ترك القاعدة بسبب مشاكل شخصية، الى السفارة الأميركية في أريتيريا وبدأ على الفور بتقديم أفضل المعلومات الاستخبارية وهي أقصى ما يمكن للولايات المتحدة الحصول عليه حول بن لادن والقاعدة.

ولكن سي آي أيه وإف بي آي لم يقما بأي جهد للإفادة من معرفته والحصول على معلومات حول احتمال تورّط القاعدة في تفجير أبراج الخبر، بحسب دان كولمان، وهو أحد مصادر مناولات الفضل في إف بي آي. يقول كولمان (لم نلقِ عليه أية أسئلة حول أبراج الخبر).

ويخلص التقرير (هذا هو الجزء الأول من سلسلة من خمسة أجزاء بعنوان (تحقيق أبراج الخبر: كيف حمى الخداع السعودي أسامة بن لادن).
+++++++++++++++++++++++++++++++++
الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر (الجزء الثاني)

Oالسلطات السعودية ربطت تهريب متفجرات عبر مركز الحديثة بحزب الله بعد أن كانت تربطه بتفجير الرياض لتضليل المحققين الأميركيين

O المحققون الأميركيون طلبوا عدم إطلاق سراح العييري، قائد القاعدة في السعودية، ولكن (الداخلية) أفرجت عنه رغم ضلوعه في حوادث أمنية

O لو كان حزب الله الحجاز متورّطاً في انفجار الخبر لأوقف العملية بعد اعتقال عناصره بتهمة تهريب المتفجرات وغادرت عناصره البلاد

Oمسؤولون اميركيون: قادة القاعدة والمخابرات السعودية يمارسون لعبة معقّدة

في الجزء الثاني من تقرير جاريث بورتر (Gareth Porter) والذي نشرته وكالة آي بي إس الأميركية يوم أمس (23 يونيو)، يستعرض الرواية السعودية من انفجار الخبر، وما تحمله من إشارات على الخداع. وفيما يلي النص الكامل للجزء الثاني:

في الأسبوع الأخير من أكتوبر 1996، أعطت المباحث السعودية ديفيد وليامز، مساعد المدير الخاص في هيئة التحقيقات الفيدرالية المسؤول عن قضايا مكافحة الإرهاب، ما قيل بأنها ملخّصات لاعترافات حصلت عليها من نحو أربعين معتقلاً شيعياً..

وقد صوّرت الإعترافات المزعومة بأن الإنفجار وكأنه عمل خلية تابعة لحزب الله السعودي التي كانت قد قامت، بحسب الرواية السعودية، بعملية مسح ومراقبة للأهداف الأميركية بتوجيه مباشر من ضابط في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني قبل تنفيذ مخطط تفجير مبنى أبراج الخبر.

ولكن الوثائق كانت قاصرة عن تقديم هذا النوع من التفاصيل التي كانت ستسمح للمحققين الأميركيين للتثبّت من عناصر أساسية في مثل هذه الرواية. في الحقيقة، رفض المسؤولون السعودية حتى مجرد الكشف عن أسماء المعتقلين الذين ـ بحسب زعم السلطات السعودية ـ قدّموا اعترافات، وإنما التعريف بالمشتبه بهم بالإرقام من 1 إلى 6 أو 7، بحسب مسؤول سابق في إف بي آي عمل في التحقيق.

ويرى محامون في وزارة العدل ـ الأميركية ـ بأن الاعترافات ليست موثوقة على الإطلاق، ولا يمكن استعمالها في المحكمة، لأنها قد تكون إنتزعت تحت التعذيب. وبناء على إلحاح المدّعي العام جانيت رينو Janet Reno، فإن كلاً من ريونو ومدير إف بي آي لويس فريح قالا بصورة علنية في أوائل 1997 بأن السعوديين قدّموا أكثر بقليل من دليل (سمعي) غير موثوق، حول الإنفجار.

هناك أيضاً تضاربات في الاعترافات المزعومة من قبل المخطّطين الشيعة، التي أثارت شكوكاً لدى المحقّقين في هيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي.

وزعم السعوديون بأنه في 28 مارس 1996، عثر الحرس السعودي في مركز الحديثه على الحدود الشمالية مع الأردن على 38 كيلوغراماً من متفجّرات بلاستيكية مدسوسة في سيارة كان يقودها عضو من حزب الله السعودي. ولم يكتف هذا العضو بالاعتراف بانتمائه لحزب الله، بحسب الرواية السعودية، ولكنه قاد المباحث السعودية إلى ثلاثة أعضاء من حزب الله، الذين تم اعتقالهم، زعماً، في 6، 7، 8 إبريل من نفس العام.

ما هو لافت في هذه الرواية هو أنه في 17 إبريل 1996، أعلن المسؤولون السعوديون بأنهم عثروا على متفجّرات في سيارة عند الحدود مع الأردن في 29 مارس، وقالوا بأنه تم اعتقال عدد من الأشخاص. وبعد أربعة أيام، أعلن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف عن اعتقال أربعة أشخاص في تفجير مكتب مدير برامج الحرس الوطني السعودي في الرياض في 13 نوفمبر 1995. وقد تم بثّت اعترافاتهم على التلفزيون السعودي في نفس اليوم.

في إعلان الإعتقالات، بحسب تقرير نيويورك تايمز، أشار نايف الى محاولة تهريب أسلحة في 29 مارس، قائلاً بأنه ليس واضحاً حتى الآن ما اذا كانت ثمة علاقة بين تفجير نوفمبر في الرياض ومحاولة تهريب الإسلحة.

ويدلل التصريح بوضوح على أن لدى المسؤولين السعوديين سبباً للإعتقاد بوجود رابطة بين الشبكة الجهادية التي يعتقد بأنها قامت بتفجير الرياض، وبين أولئك الذين تم القبض عليهم بعد محاولة تهريب متفجرات في 29 مارس.

مهما يكن، بعد انفجار الخبر، بدأ السعوديون ربط تهريب المتفجرات في أواخر مارس بالشيعة، حيث كانوا يقولون ـ أي المسؤولين السعوديين ـ بأنهم من قام بتفجير أبراج الخبر.

في يوم ما في يوليو، بحسب مسؤول سابق في إدارة كلينتون، قدم فريح ـ مدير إف بي آي ـ الى غرفة الأوضاع في البيت الأبيض وكان شاحباً وغضب، وأبلغ المسؤولين بأنه قد أٌبلغ للتو بأن السعوديين ألقوا القبض على ناشط من حزب الله السعودي في مارس وبحوزته متفجّرات وأنهم اكتشفوا ضلوع الشيعة في تفجير أبراج الخبر.

ويفيد تصريح نايف برابطة محتملة بتفجير الرياض في نوفمبر السابق كان خداع متعمّد للولايات المتحدة، التي لم يقم السعوديون بتاتاً بتوضيحها للمسؤولين الأميركيين. ويقول وليامز (لقد سألنا لماذا لم يبلغونا ـ أي السعوديون ـ حول ذلك في وقت سابق، والحصول على جواب).

وإذا كان السعوديون بالفعل قد قاموا باعتقال أربعة من أعضاء حزب الله السعودي، الذين تلقوا أوامر بالقيام بالتفجير، كما إدعى هؤلاء المسؤولين ذلك لاحقاً، فلابد أن يكون ذلك معلوماً بصورة مباشرة لبقية عناصر حزب الله السعودي، الذين من الواضح أنهم سيوقفون مخطط التفجير ويهربوا من البلاد.

مايقوّض أيضاً رواية تهريب متفجيرات من قبل الشيعة ومخطط التفجير حقيقة أن السعوديين قاموا، بعد انفجار الخبر، وبصورة سريّة باعتقال وتعذيب عدد من الجهاديين السنة المحاربين المرتبطين بأسامة بن لادن.

كان من بين المعتقلين السنة في قضية الخبر يوسف العييري، الذي تبيّن لاحقاً بأنه كان الرأس الحقيقي للقاعدة في السعودية. وفي 2003، أكّدت نشرية منتظمة للقاعدة اعتقال وتعذيب العييري بعد انفجار الخبر.

وفي تقرير نشر في منتصف أغسطس 1996 من قبل جريدة فلسطينية في لندن، القدس العربي، بناء على مصادر على صلات بالحركة الجهادية في السعودية، جاء بأن ستة من المحاربين السنة في حرب أفغانستان اعترفوا بارتباطهم بتفجير الخبر تحت التعذيب. وجاء ذلك بعد يومين من تقرير في نيويورك تايمز بأن المسؤولين السعوديين يعتقدون الآن بأن مقاتلين حرب أفغانستان هم من قاموا بتفجير الخبر.

على أية حال، فبعد أسابيع قليلة بدا واضحاً أن النظام السعودي قرر أن يضع اللوم على الشيعة السعوديين في تفجير الخبر.

وبناء على خبير نورويجي متخصص في الحركة الجهادية السعودية، ثوماس هيجهامر، في 2003 وعقب مقتل العييري بفترة قصيرة في تبادل لإطلاق النار في الرياض في أواخر مايو 2003، وجّهت مقالة لزعيم القاعدة منشورة في دوريات القاعدة اللوم على الشيعة في انفجار الخبر.

وفي وثيقة لمركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، نقل هاجهمر تلك العبارة كدليل على أن القاعدة لم تكن متورّطة في انفجار الخبر. ولكن واحدة من الأهداف الرئيسية للعييري في تلك المرحلة كانت الخروج من السجن، ولذلك فإن تأييده لموقف النظام السعودي لم يكن مستغرباً.

وقد تم الإفراج عن العييري من السجن في منتصف 1998، بواسطة هذه الرواية. ولكن تم اعتقاله مرة ثانية في أواخر 2002 أو بداية 2003، حيث توصّلت وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه حينذاك بأنه ـ أي العييري ـ كان شخصية هامة جداً في القاعدة، بالرغم من أنها لم تكن تعلم بأنه كان قائد القاعدة في الجزيرة العربية، بحسب كتاب رون سوسكيند (The One Percent Doctrine).

وفي منتصف مارس 2003، كتب سوسكيند بأن المسؤولين الأميركيين ضغطوا على السعوديين بأن لا يدعوه يفلت. ولكن السعوديين زعموا بأنه ليس لديهم شيء حول العييري، وبعد أسابيع قلائل تم الإفراج عنه مرة أخرى. فقد كان رأس القاعدة في السعودية والمخابرات السعودية يمارسون لعبة معقّدة.

والسؤال عن كيف أن
الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر (الجزء الثاني)

المزعومين وضعوا أيديهم على ما يقرب من 5000 رطلاً من المتفجرات، وهي الكمية التقديرية للشاحنة المفخّخة،
الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر (الجزء الثاني)

أحد الأسئلة المركزية في التحقيق حول الإنفجار. ولكن مقابلات مع ستة من مسؤولين سابقين في إف بي آي، عملوا في التحقيق حول انفجار الخبر، كشفوا بأن التحقيق لم يفضِ إلى أي دليل حول كيفية دخول طنين من المتفجّرات الى البلاد.

ولا يكاد أي من الستة يتذكر دليلاً واحداً حول كيفية قيام المخطّطين المزعومين بوضع أيديهم على هذا الكم الهائل من المتفجّرات. وقد رفض مسؤول سابق في إف بي أي، والذي مازال يدافع عن نتائج التحقيق، أن يخبر كاتب التقرير ما إذا كان التحقيق قد كشف عن معلومات بناء على ذلك السؤال.

وإذا كان عناصر حزب الله السعودي هم من قاموا بالتخطيط فعلياً لإدخال متفجّرات الى البلاد عن طريق إخفائها في سياراتهم، فإن عليهم أن يوفّروا أكثر من 50 سيارة مفخّخة بالمتفجرات وتمر على حرس الحدود الذين كانوا حينذاك على أهبة الإستعداد. وعلى أية حال، ليس هناك مؤشر على سيارات إضافية عبرت الحدود في الأسابيع التي سبقت الإنفجار.

++++++++++++++++++++++++++++++++++
الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر ـ الجزء الثالث

المسؤولون الأميركيون يسرّبون رواية زائفة لتحميل إيران المسؤولية

ـ عمل النظام السعودي طويلاً من أجل إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن أثر بن لادن في السعودية من أجل تضليل التحقيق حول انفجار الخبر

ـ سمح النظام السعودي لممولي بن لادن عبر الجمعيات الخيرية السعودية، فيما شجّعته على التركيز على الجيش الأميركي وليس على النظام


ـ كانت الـ سي آي أيه تتبادل المعلومات الاستخبارية مع المباحث السعودية حول إتصالات عناصر القاعدة، وكانت المعلومات تصل إلى بن لادن


في الجزء الثالث من التقرير الذي أعدّه جاريث بورتر، يتناول فيه الرواية الأميركية الزائفة بهدف تحميل إيران مسؤولية الضلوع في انفجار الخبر، وفيما يلي النص الكامل:


في مارس 1997، حصل مدير هيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي لويس فريح على ما وصفه في مذكراته (أول اختراق حقيقي كبير في القضية) عبارة عن: إعتقال في كندا لواحد من أعضاء حزب الله السعودي، الذي يتهمونه السعوديون بكونه قائد الشاحنة التي تفجّرت عند أبراج الخبر.

هاني الصايغ، 28 عاماً، وصل إلى كندا في أغسطس 1996 بعد أن غادر السعودية، بناء على روايته، في أغسطس 1995، الى إيران وسوريا. وقد وجّهت الحكومة الكندية له تهمة كونه إرهابياً، بناء على مزاعم النظام السعودي.

وفي سبيل نقله الى الولايات المتحدة بدون مواجهة الترحيل الى السعودية، حيث كان يعتقد بأنه سيواجه عقوبة الاعدام، وافق الصايغ على مساومة تشتمل على اعتراف بأنه من اقترح فكرة الهجوم على القوات الأميركية، والذي سيقضي على إثره افي السجن مدة عشر سنوات.

في الحقيقة، إن الشيء الوحيد الذي اعترف به، بحسب مصادر إف بي آي، هو أنه كان قد اقترح مهاجمة طائرة أواكس التي تم تسليمها لقوات الجو السعودية ـ وهو اقتراح كما قال قد تم رفضه. وقبل وبعد إحضاره الى واشنطن، نفى الصايغ بصورة قاطعة أي معلومات لديه حول تفجير أبراج الخبر.

وبالرغم من النفي الثابت من قبل الصايغ، فإن صحيفة (واشنطن بوست) في 14 إبريل 1997 نقلت عن مسؤولين أميركيين وسعوديين قولهم أن الصايغ إلتقى قبل عامين من وقوع الإنفجار بضابط استخباري إيراني كبير وهو الجنرال أحمد شريفي، وأن إيران كانت (القوة المنظّمة) وراء تفجير الخبر. ولكن هذه الرواية، المسرّبة من قبل مسؤولين يدعمون النسخة السعودية لرواية الخبر، تنقل عن تنصتّات كندية لمحادثات هاتفية للضايغ في أوتاوا قبل اعتقاله، باعتبارها دليل إدانة زعماً.

وقد وهبت الرواية مصداقية أكبر للإعتقاد العام في واشنطن بأن إيران كانت العقل المدبّر للتفجير، لأن الاستخبارات الأميركية لحظت مراقبة المواقع العسكرية والمدنية في السعودية من قبل الإيرانيين وحلفائهم في السعودية في عامي 1994 و1995.

مهما يكن، فإن ما قاله الصايغ في حقيقة الأمر لموظفي إف بي آي في سلسلة من المقابلات في أوتاوا وواشنطن، يتناقض مع الرواية المسرّبة، بناء على مصادر قريبة من تلك المقابلات.

اعترف الصايغ بأنه قام بمراقبة موقع عسكري غير الخبر لحساب الإيرانيين، ولكنه ألحّ على أن ذلك لم يكن بهدف التحضير لتفجير إرهابي محتمل، ولكن للتعرّف على الأهداف الكامنة للإنتقام الإيراني في حال هجوم أميركي على إيران.

وكانت شهادته متوافقة مع كان يقوله السفير رون نيومان، الذي كان مدير مكتب إيران والعراق في هيئة شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية في الفترة ما بين 1991 و1994، حول استكشاف إيراني للأهداف الأميركية.

وفيما كان أغلب المحللين الرسميين على أهبة الإعتقاد بأن إيران كانت تخطط لهجوم إرهابي ضد الولايات المتحدة، فإن نيومان يتذكر بأنه كان بيّن نمطاً في السلوك الإيراني: في كل مرة تتزايد التوتّرات الأميركية ـ الإيرانية، كانت هناك زيادة في عملية الاستكشاف الإيرانية للمواقع الدبلوماسية والعسكرية الأميركية.

ويقول نيومان (هذا النمط قد يؤخذ على أنه عدائي ولكنه قد يكون بنفس القدر دفاعياً) بمعنى أن الإيرانيين ينظرون إلى مثل هذا الاستكشاف لأهداف أميركية محتملة بأنها جزء من الوقاية إزاء أي هجوم أميركي.

فقد كان هاني الصايغ خياراً مستغرباً كيما يكون سائق الشاحنة المفخّخة التي انطلقت نحو أبرج الخبر. فرجل قصير القامة بنوبات ربو دائمة أدّت في مرات عديدة الى وقف المقابلات مع محققي إف بي آي، فيما حكى الصايغ الى المحققين بأنه شارك في دورة تدريب عسكري مع الحرس الثوري الإيراني، ولكنه أٌبلغ من قبل مسؤوله في الحرس بعد تمرين كارثي بأن مرض الربو الذي يعاني منه يجعله غير مناسب للقيام بعمليات عسكرية.

جاك كلونان، الموظف القديم في إف بي آي، والذي كان يتحدث مع المحققين الذين قابلوا الصايغ في ذلك الربيع والصيف، أبلغ محامي الهجرة الخاص بالصايغ، مايكل وايلدز، بأنه مقتنع بأن الصايغ لم يكن مشاركاً في العملية، بحسب الملاحظات الواردة في مفكرة وايلدز المحفوظة على ذمة القضية.

إستمر هاني الصايغ في نفي تورطه وكذلك نفي أي علاقة للإيرانيين بما حدث في الخبر، وكنتيجة تم ترحيله الى السعودية في 1999، بالرغم من الفرضية الرائجة داخل إف بي آي، بأن سيتم قطع رأسه بعد عودته.

لم تكن لدى فريح أي قضية ضد الإيرانيين أو حلفائهم السعوديين (أي حزب الله الحجاز) ما لم يستطع الوصول الى المعتقلين الشيعة السعوديين. في المفكرة المعنوّنة (My FBI) إدّعى فريح بأن الرئيس بيل كلينتون رفض الضغط على ولي العهد الأمير عبد الله (الملك الحالي) بالوصول إلى هؤلاء السجناء والطلب منه بتقديم الدعم للمكتبة الرئاسية المستقبلية الخاصة بكلينتون في لقاء في فندق هاي أدامز في سبتمبر 1998.

على أية حال، فإن هذه الرواية مختلف عليها بين عديد من مسؤولي إدارة كلينتون. وفريح، الذي لم يكن حاضراً، ينقل فقط عن (مصادري my sources)، بما يفيد بقوة بأنه حصل عليها من الأمير بندر، المستفيد شخصياً.

وزعم فريح بأن الرئيس السابق جورج بوش قد توسّط لدى عبد الله، بطلب من فريح، ونتج عن ذلك لقاء بين فريح وعبد الله في منزل بندر في فرجينيا في 29 سبتمبر 1998. وفي اللقاء، عرض عبد الله السماح لـ إف بي آي بتقديم الأسئلة للمعتقلين ومراقبة الأسئلة والإجابات من خلف زجاجة مضللة ذات اتجاه واحد.

ولكن ما أسقطه فريح من الرواية هو أن عرض عبد الله الجديد جاء في وقت شعر فيه السعوديون بالحاجة الماسّة لاسترضاء واشنطن في تحقيق أبراج الخبر بأكثر مما كانوا عليه في السابق.

وفي مايو 1998، علمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أيه بأن المخابرات السعودية أحبطت مخطط القاعدة بتهريب صواريخ مضاده للدبابات من نوع صاغر Sagger من اليمن إلى السعودية قبل إسبوع من الزيارة المقررة الى السعودية من قبل نائب الرئيس الأميركي أل جور، ولم تبلغ، أي المخابرات السعودية، المخابرات الأميركية بتلك الواقعة.

وفيما بعد، في 7 أغسطس 1998، تعرّضت سفارتا الولايات المتحدة في نيروبي، كينيا، ودار السلام، تنزانيا الى تفجير في غضون عشر دقائق وأدت إلى انهدامها. وتوصّلت سي آي أيه، على الفور، الى أن القاعدة كانت المسؤولة عن التفجيرات، وبدأت الاستخبارات الأميركية، بناء على ذلك، بتسليط الضوء بصورة أكبر على عمليات بن لادن في السعودية.

التقى أل جور مع عبد الله في 24 سبتمبر، وضغط بشدة من أجل الوصول إلى المسؤول المالي للقاعدة مدني الطيب، الذي تم اعتقاله من قبل الحكومة السعودية قبل عام، ولكنها أبقته بعيداً عن الاستخبارات الأميركية.

عمل النظام السعودي طويلاً من أجل إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن أثر بن لادن في السعودية. وخلال الحرب الأفغانية، عمل مسؤولون سعوديون كبار، بمن فيهم وزير الداخلية الأمير نايف شخصياً، بصورة وثيقة مع بن لادن. ومن الواضح فقد استمرت تلك الروابط حتى بعد سحب الحكومة السعودية الجنسية من بن لادن، وتجميد أرصدته، وبدء ملاحقة بعض المتطرّفين الإسلاميين المناهضين للحكومة في سنة 1994.

وأظهر الدليل لاحقاً بأن النظام سمح للداعمين السعوديين لابن لادن لتمويل عملياته عبر الجمعيات الخيرية السعودية، فيما شجّعته بن لادن على التركيز على الجيش الأميركي وليس على النظام.

وعلم محققو هيئة 9/11 لاحقاً بأنه بعد مغادرة بن لادن السودان الى أفغانستان في مايو 1996، طلب وفد من مسؤولين سعوديين قيادة عليا في طالبان بأن تبلغ بن لادن بأنه في حال لم يهاجم النظام، فإن (الاعتراف سيعقب ذلك).

في غضون ذلك، كان نايف يقاوم طلبات الـ سي آي أيه بشأن شهادة ميلاد، وجواز سفر، والسجلات البنكية الخاصة بابن لادن.

وكانت الـ سي آي أيه تتبادل معلوماتها الإستخبارية حول بن لادن مع المباحث السعودية، وتشمل نسخاً من تنصتات وكالة الأمن الوطني الأميركية على المكالمات الهاتفية الخليوية لمسؤولي القاعدة المشتبه بهم. وفيما بعد، توقف المقاتلون بصورة مفاجئة عن استعمال هواتفهم الخليوية، بما يشير إلى كونهم أبلغوا بذلك من قبل المباحث.

في أوائل 1997، أصدرت وحدة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه مذكرة لمديرها جورج تينيت، الذي كان على وشك السفر الى السعودية، وصفت فيها الاستخبارات السعودية بكونها (إدارة معادية).

وفي أواخر سبتمبر 1998، كان النظام السعودي يشعر بالحماوة من إدارة كلينتون بسبب فشله في التعاون في قضية عمليات بن لادن في السعودية. وكان اقتراح عبد الله سبيلاً لابداء التعاون في موضوع الإرهاب في وقت يساعد فريح على تعزيز المسار السعودي في انفجار الخبر.
++++++++++++++++++++++++++++++++++
إف بي آي تجاهلت أدلة مقنعة على دور إبن لادن

ـ تعمّدت المخابرات السعودية إبعاد المحققين الأميركيين عن قضية تفجير الرياض حتى لا يحصلوا على أدلة تربط القاعدة به وبعملية الخبر لاحقاً

ـ وحدة بن لادن في السي آي أيه جمعت معلومات إستخبارية صلبة حول دور بن لادن في التخطيط لتفجير ابراج الخبر


ـ أعدّ إبن لادن ترتيبات لشحن 20 طناً من مادة سي ـ4 شديدة الإنفجار من بولندا الى قطر، وتم إرسال طنين منها الى السعودية، بحسب تقرير سي آي أيه


ـ رفض موظفو إف بي آي العاملون في قضية الخبر أي دليل على ضلوع إبن لادن في الخبر، لأن قراراً قد تم اتخاذه بتحميل الشيعة المسؤولية


في الجزء الرابع من التقرير، يستعرض جاريث بورتر عدداً من الأدلة على ضلوع تنظيم القاعدة في عملية انفجار الخبر، وهي أدلة تعمّدت هيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي تجاهلها، وفيما يلي نص الترجمة:


لم يخفِ أسامة بن لادن نيته بمهاجمة الوجود العسكري الأميركي في السعودية. فقد كان يدعو لمثل هذه الهجمات لإخراج ـ القوات الأميركية ـ من البلاد منذ أن دعى في أول فتوى له للجهاد ضد الاحتلال الغربي للأرضي الإسلامية في بداية 1992.

في 11 يوليو 1995، كتب ـ أسامة بن لادن ـ (رسالة مفتوحة) الى الملك فهد يحثّ فيها على حملة من الهجمات الفدائية لإخراج القوات الأميركية خارج المملكة.

وبدأت منظمة القاعدة التي يقودها بن لادن تنفيذ هذه الحملة في وقت لاحق من نفس العام. في 13 نوفمبر 1995، دمّرت سيارة مفخخة مكتب مدير البرامج في الحرس الوطني السعودي في الرياض، ما أدى إلى مقتل خمسة من عناصر القوة الجوية وجرح 34 آخرين.

وأفادت إعترافات أربعة من الجهاديين في الحرب الأفغانية بخصوص الإنفجار، والتي بثّها التلفزيون السعودي، بأنهم كانوا يستلهمون من أسامة بن لادن، وأحال أحدهم الى معسكر في أفغانستان كان على ارتباط بابن لادن. يقول محارب قديم في إف بي آي دان كولمان (كانت تلك إحالة غير مباشرة إلى بن لادن)، (في إشارة إلى دور بن لادن لاحقاً في تفجير الخبر).

طلبت السفارة الأميركية في الرياض على الفور بأن يسمح لـ إف بي آي بالتحقيق مع المشتبه بهم فور اعلان اعتقالهم في إبريل. ولكن السعوديين لم يستجيبوا للطلب أبداً، وفي 31 مايو تم إبلاغ السفارة قبل ساعة ونصف من تنفيذ حكم الإعدام بقطع رؤوس المتهمين الأربعة.

وحين انفجرت الشاحنة المفخخة في أبراج الخبر في 25 يونيو 1996، كان سكوت إريسكين، العميل المختّص بالتحقيق في انفجار الرياض، على وشك العودة الى الولايات المتحدة بعد لقاء محبط آخر، حيث لم يكن المسؤولون السعوديون متعاونين بشأن الاشخاص الذين سيقومون بالتحقيق معهم. وحين زار مدير إف بي آي لويس فريح الخبر بعد أيام قلائل من التفجير، تم إبلاغه بأن لا يتوقع أي معلومات أخرى حول تفجير الرياض.

وبدلاً من الإلحاح على أن تقوم إدارة كلينتون بممارسة ضغط أكبر على السعوديين للتعاون حول احتمالية الربط بين التفجيرين (أي الرياض والخبر)، قرر فريح بهدوء إلغاء التحقيق في تفجير الرياض بصورة كاملة. ووضعت القضية في خانة وضع (غير فاعل)، بحسب إفادة مسؤولين إثنين سابقين في إف بي آي، بما يعني أنه لن تكون هناك أية إجراءات أخرى يمكن أن تتخذ بهذا الشأن، رغم أن القضية لم يتم إغلاقها بصورة رسمية.

على أية حال، كان من الصعوبة بمكان إنكار دور بن لادن الذي تبنى علنياً مسؤوليته عن تفجيري الرياض والخبر. وفي أكتوبر 1996، أي بعد إصداره فتوى أخرى يدعو فيها المسلمين لإخراج الجنود الأميركيين من المملكة، نقلت صحيفة (القدس العربي) الفلسطينية الصادرة من لندن عن إبن لادن قوله (الجيش الصليبي تمزّق حين قمنا بتفجير الخبر).

وفي مقابلة نشرت في الصحيفة في 29 نوفمبر 1996، سئل ـ بن لادن ـ لماذا لم تكن هناك عمليات أخرى موازية لعملية الخبر. قال إبن لادن (يدرك العسكريون أن التحضيرات لعمليات كبيرة تتطلب وقتاً، بالقياس إلى عمليات صغيرة).

ومن ثم ربط التفجيرين في السعودية بصورة صريحة كمؤشرات الى الولايات المتحدة من قبل تنظيمه: (كنا نعتقد بأن تفجيري الرياض والخبر كانا إشارة كافية لصنّاع القرار الأميركيين بدرء معركة بين الأمة الإسلامية والقوات الأميركية، ولكن يبدو لم يفهموا تلك الإشارة) حسب بن لادن.

وبحسب كولمان، أحد كبار المحققين في هيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي في قضية القاعدة، أن إبن لادن كان يكسب مجد العمليات الإرهابية التي خطّط لها وليست العمليات التي لم يخطط لها. على سبيل المثال، لم يعلن إبن لادن مسؤوليته عن تفجير مركز التجارة العالمي، وأبلغ وكيله التجاري السابق الذي تحوّل إلى مصدر معلومات لهيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي، جمال الفضل، بأن لا علاقة له ـ أي إبن لادن ـ بذلك، كما يقول كولمان.

كان لتفجيري الرياض والخبر خاصية عملانية مشتركة. وكما لحظ رئيس وحدة بن لادن في السي آي أيه، مايكل سكيور، في القضيتين، فإن السيارة لم تكن متوقفة بحيث تؤدي الى هدم المبنى بالكامل. فلو كان الفريق الذي نفّذ تفجير الخبر قد ركن السيارة بموازاة السياج الأمني بدلاً من امتطائها، كما يقول سكيور، فإنها ستؤدي الى تدمير كامل المبنى. وكان يمكن أن يحدث الشيء ذاته في تفجير مكتب برامج تدريب الحرس الوطني في الرياض.

وحدة بن لادن في السي آي أيه جمعت معلومات استخبارية صلبة حول دور بن لادن في التخطيط لتفجير ابراج الخبر. وفي منتصف يناير 1996، بناء على المعلومات الاستخبارية المجموعة من قبل الوحدة، سافر إبن لادن الى العاصمة القطرية، الدوحة، حيث تمت مناقشة خطط الهجوم في المنطقة الشرقية من السعودية. وأعدّ إبن لادن ترتيبات لشحن 20 طناً من مادة سي ـ4 شديدة الإنفجار من بولندا الى قطر، وتم إرسال طنين منها الى السعودية، بحسب التقرير.

وحدد إبن لادن بصورة دقيقة عمليات تستهدف مصالح أميركية في مثلث مدن الدمام، الظهران والخبر في المنطقة الشرقية، باستعمال خلايا سرية تابعة للقاعدة في السعودية، بحسب تقرير استخباري.

وقد رفض موظفو إف بي آي العاملون في قضية الخبر ببساطة أي دليل على ضلوع بن لادن في الخبر، لأن قراراً قد تم اتخاذه باعتبار الشيعة هم المسؤولين.

ويتذكر ديفيد وليامز، الذي أصبح لاحقاً عميل الـ إف بي آي المسؤول عن مكافحة الإرهاب فيها، بأنه قرأ تقارير استخبارية تفيد بضلوع إبن لادن في التفجير، ولكن قال بأنه فعل ذلك (بعين الريبة).

واستبعد المحققون في الـ إف بي آي أية علاقة لدليل يربط إبن لادن بتفجير الرياض. وكما يوضّح أحد مسؤولي إف بي آي السابقين المنطق لهذا الموقف الى (آي بي إس ـ التي نشرت التقرير): كان تفجير أبراج الخبر يختلف كلياً عن تفجير الرياض الذي وقع قبل سبعة شهور سابقة: إنه كان في المنطقة الشرقية حيث يغلب عليها المعارضون الشيعة، ولم تكن للقاعدة أي خلية معروفة.

على أية حال، فإن الحقائق تخبر عن قصة أخرى. فمدينة الخبر نفسها كانت ذات غالبية سنية، وليست شيعية، وكذلك المنطقة المثلثية للمدن الثلاث فهناك أعداد كبيرة من المقاتلين في حرب أفغانستان وكانوا من أتباع بن لادن. وبحسب الصحيفة الفلسطينية الصادرة في لندن (أي القدس العربي) التي نشرت في أغسطس 1996 بأن الستة الجهاديين الذين اعترفوا بالتفجير كانوا كلهم من منطقة تدعى الثقبه بالقرب من الخبر.

وقد تم اعتقال أحد الجهاديين القدامى بعد التفجير، يوسف العييري، الذي كان الرأس الحقيقي للقاعدة في الجزيرة العربية، وهو من الدمام، وكان يعرف الجماعة الجهادية في المنطقة بصورة جيدة، بحسب الخبير النرويجي في شؤون القاعدة، ثوماس هاجهامر.

على أية حال، لا تعرف إف بي آي و الـ سي آي أيه شيئاً عن حركة إبن لادن في ذلك الجزء من السعودية، كونهما يعتمدان بصورة كاملة على المخابرات السعودية في مثل هذه المعلومات. أوردت مذكرة لـ سي آي أيه في 1 يوليو 1996، بأن لدى الوكالة (معلومات ضئيلة) حول (موقع، وحجم، تركيبة، ونشاطات) خلايا المعارضة في السعودية.

وتكشف مقابلات مع مسؤولين في إف بي آي يعملون في التحقيق بوضوح أنه لم يكن لديهم إهتمام بالحصول على دليل يربط إبن لادن بالتفجير، لأنهم أدركوا بأن مهمتهم محدودة بجمع أية معلومات يمكن الحصول عليها من المسؤولين السعوديين.

يقول وليامز بأنه لم يحقق في الرواية السعودية بشأن مخطط الخبر، لأنه حسب قوله (تبدأ تصدق الناس الذين هم محاوريك).

وسئل عن الدليل الذي يفيد بأن إبن لادن كان وراء مخطط التفجير، قال مسؤول آخر في إف بي آي، ولديه مسؤولية كبيرة في التحقيق، لوكالة (آي بي إس ـ التي نشرت هذا التقرير)، (لم أدخل في هذا الجانب. لم يكن ذلك من صميم عملي).

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
فريح يصبح (محامي الدفاع) عن السعوديين في قضية الخبر

ـحاول فريح أن يقنع وزارة العدل الأميركية برواية تورّط الشيعة في انفجار الخبر ولكنها رفضت الرواية لأنها قائمة على اعترافات تحت التعذيب

ـ في إدارة جورج بوش الإبن، تم ثبيت الرواية السعودية بتوجيه الإتهام الى الشيعة في السعودية بتأثير فريح، الذي تحوّل إلى محامي النظام السعودي

ـ أجبرت المباحث السعودية بريطانيين وكندياً ونرويجياً على الاعتراف بمسؤوليتهم عن تفجيرات الرياض، لابعاد الشبهة عن القاعدة


في الجزء الخامس من التقرير حول الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر، يسلّط جوريث بورتر الضوء على طرق المباحث السعودي في فبركة الاعترافات في محاولة لاستبعاد أية لفت للإنتباه إلى القاعدة، وفيما يلي نص الترجمة:


في أوائل نوفمبر 1998، أرسل لويس فريح فريق من إف بي آي لمراقبة مسؤولي المباحث السعوديين وهم يحققون مع ثمانية من المعتقلين الشيعة من وراء زجاجة باتجاه واحد في مركز الإحتجاز بالرياض. وكان قد خطط لاستعمال شهادة الشيعة لإظهار أن ايران كانت وراء الانفجار.


وكما كان متوقعاً، فإن الروايات التي أدلى بها المعتقلون لخّصت الخطوط العريضة للمخطط الشيعي الذي جرى توصيفه من قبل السعوديين قبل عامين من الواقعة. أما الآن، بعد مهمة إف بي آي في معاينة الاعترافات، فهناك تفاصيل أكثر تشويقاً للتورّط الإيراني المباشر.

أحد المعتقلين قال بأن الجنرال في قوات الحرس الثوري الإيراني أحمد شريفي إختار شخصياً ثكنات الخبر هدفاً للعملية. وقال آخر بأن أعضاء حزب الله السعودي لم يتدربوا فحسب بل تلقوا أموالاً من قبل الإيرانيين.

يقول عميل سابق في إف بي آي (لقد خرجنا بأدلة صلبة بأن إيران كانت وراء ذلك).

كانت هناك مشكلة واحدة مع تلك الأدلة التي قام فريق إف بي آي بجمعها: كان لدى المباحث السعودية عامان ونصف العام من احتجاز عناصر حزب الله حيث أتيح لها أن تقول ما تشاء حول القضية، بالنظر إلى التهديد المتواصل بمزيد من التعذيب لخلق الحافز.

ولكن فريح لم يكن ليدع موضوع التعذيب يؤثر على مهمته. وبحسب مسؤول رفيع المستوى في هيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي كان قد أبلغ آي بي إس (بالنسبة للويس، إذا كانوا سيدعونا في الغرفة، فإن ذلك أهم شيء. إننا سنذهب هناك ونحصل على الإجابات حتى لو تم تحريفها).

مهما يكن، فحين حصل فريح على الروايات التي أدلى بها المعتقلون الشيعة في التحقيقات التي شهدها فريق إف بي آي، لم تحظى بقبول وزارة العدل ـ الأميركية ـ ولم تنظر إليها بوصفها شهادات صالحة. ورفضت الوزارة المضي في الإتهام بحسب رغبة فريح، القائمة على ذات الإعتراض الذي تم طرحه قبل عامين من تلك الواقعة: أن المعتقلين الشيعة خضعوا للتعذيب.

وفي يناير 2001، أبقى الرئيس جورج بوش، الإبن، لويس فريح كمدير لهيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي. وأبلغ فريح الرئيس الجديد بأن إيران هي العقل المدبّر لانفجار الخبر، بحسب شهادته أمام هيئة الحادي عشر من سبتمبر، وبدأت وزارة العدل حينئذ بالتعاون مع فريح في توجيه الإتهام الى حزب الله السعودي بما يورّط إيران في تفجير الخبر.

وقد تم الإعلان عن الإتهام في 21 يونيو 2001، أي في آخر يوم لفريح كمدير لهيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي.

على أية حال، فإن دليلاً عالي الثقة كشف عن أن المباحث السعودية استعملت فعلياً التعذيب والإكراه لإرغام المعتقلين على الإدلاء بشهادات بحسب طلب النظام السعودي ـ وحتى أمام المراقبين الأجانب ـ وفعل النظام ذلك كله من أجل حماية القاعدة من التحقيق من قبل الولايات المتحدة.

نجمت ثلاث انفجارات بسيارات مفخخة في الرياض في نوفمبر 2000 عن مقتل مواطن بريطاني. وعموماً كان الاعتقاد بقوم على أن تلك الانفجارات كانت من عمل القاعدة. ولكن أربعة مواطنين بريطانيين، ومواطناً كندياً، وآخر بليجكي اعترفوا بمسؤوليتهم عن الإنفجارات، وقد بث التلفزيون السعودي اعترافاتهم.

على أية حال، بعد الإفراج عنه في 2003 أدلى المواطن الكندي وليام سامبسون برواية مأساوية أمام الرأي العام تحدّث فيها عن اللكمات التي تعرض لها على يد المباحث، وكان معلّقاً من قدميه متدلياً الى الأسفل، إضافة إلى الضرب المبرح الذي أدى إلى احمرار خصيتيه. وقال سامبسون بأن السعوديين أبلغوه من البداية ما يريدون منه الإعتراف به، وقد أعادوا ذلك عليه مراراً فيما كان الضرب متواصلاً، وتمت غربلة الرواية مع الوقت، وبإضافة مستمرة لتفاصيل جديدة.

ستة أسابيع من التحقيق، وبعد أن بدأ سامبسون بإبلاغهم ما يريدونه منه، بدأوا بتسجيل اعترافاته على شريط فيديو، باستعمال لوحة إيضاحية لمساعدته على تذكّر تفاصيل حركاته التي يفترض منه أن يدلي بها.

لقد درّبه السعوديون على ما يقوله حين زاره موظفون من السفارة الكندية، وهدّدوه بمزيد من وجبات التعذيب إذا ما أخبر مسؤولي السفارة الحقيقة. وحين جاء موظفو السفارة للحديث معه، كان إثنان من معذبي سامبسون حاضرين طيلة فترة المقابلة، تماماً كما حدث الشيء ذاته مع المعتقلين الشيعة حيث كان فريق إف بي آي حاضراً خلال فترة توجيه الأسئلة اليهم من قبل المباحث السعودية.

أدلى أجانب آخرون بروايات مماثلة حول اعترافات قهرية تحت التعذيب. وقد تم الإفراج عن سامبسون وخمسة أجانب آخرين بعد التفجير الإنتحاري في مايو 2003 من قبل القاعدة في مجمع الرياض الذي يأوي 900 وافداً أجنبياً، وقد أرغم الحادث وزير الداخلية السعودي الأمير نايف على الإقرار بأن القاعدة تمثل تهديداً إرهابياً في السعودية.

في غضون ذلك، وبعد تركه لمنصبه، أصبح فريح من الناحية الفعلية محامي الدفاع عن النظام السعودي في قضية تفجير أبراج الخبر.

وفي شهادته أمام لجنة الإستماع المشتركة من البيت الأبيض ولجنة الإستخبارات التابعة للكونغرس في 9 أكتوبر 2002، برّأ فريح السياسة السعودية إزاء تحقيقات إف بي آي. واقترح فريح، الذي استبعد أي ذكر للخداع السعودي بشأن حادثة تهريب مواد متفجّرة بما يسمح لهيئة التحقيقات الفيدرالية إف بي آي بمتابعة مهمات تحقيقية جوهرية، بأن السعوديين عملوا كل ما يتوقع منهم فعله بهذا الشأن.

وقال (لحسن الحظ، فإن إف بي آي كانت قادرة على خلق علاقة عمل فاعلة مع البوليس السعودي ووزارة الداخلية). وأضاف بأن أي (طريق مسدود أو عائق قانوني) قد يحدث، كما يؤكّد ذلك فريح، كان بسبب (الإختلاف الثابت بين أنظمتنا القانونية والإجرائية).

دفع فريح جزية الى الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي، باعتباره (حرجاً في تنفيذ الأهداف التحقيقية لدى إف بي آي في قضية الخبر، واقترح بأن أية مشاكل مؤقتة مثل هذه كانت دائماً تحل عبر التدخل الشخصي من قبل بندر).

لقد عمد فريح إلى تحريف الترتيبات التي قام بها لجعل فريق إف بي آي يقوم بمراقبة التحقيق ـ مع المعتقلين الشيعة ـ (بما يجعل هؤلاء الشهود ـ أي عناصر الفريق ـ حاضرين بصورة مباشرة)

في مقابلة لحساب السيرة المتزلّفة للأمير بندر، ذهب فريح بعيداً الى حد دعوة السعودية لقطع رؤوس الجهاديين الأربعة الذين اعترفوا بمسؤوليتهم عن تفجير الرياض بعد أن رفض السماح لهيئة التحقيق الفيدرالية إف بي آي للتحقيق معهم باعتبارها قضية عدالة مستعجلة في (شأن داخلي سعودي).

على أية حال، فإن الفصل الأخير من علاقة فريح ببندر والسعوديين لا يزال في الطريق. وفي أبريل 2009، أصبح فريح محامي الدفاع عن بندر في قضية لدى محكمة بريطانية، حيث تم توجيه الإتهام إلى بندر بتلقيه، بصورة غير قانونية، ملياري دولار كرشوة في صفقة أسلحة سعودية ـ بريطانية.














Bookmark and Share

ردود على "الخداع السعودي في تحقيقات انفجار الخبر"

أترك تعليقا

الرجاء ترك رسالتك وفق معاييرك التربوية

Random Posts