فضائح جاسوسية لبنانية من اسرائيل
كتب : العميد كامل محمد الذهبي . * عميد متقاعد عمل للمخابرات الأردنية . (( خـــــاص جدا ))
ننشر هذه المقالة كما كتبها الكاتب لاهمية بعض ماجاء بها
يتعاطى الإعلام في العالم العربي مع الإختراقات الإسرائيلية للبنان بالأساليب المخابراتية بطريقة سطحية وساذجة تفيد دولة إسرائيل ولا تساهم في محاربة إنزلاق حالات جديدة إلى فخ التعامل الأمني مع الإستخبارات الإسرائيلية. ما لاحظته في الإعلام اللبناني حتى المقاوم منه هو أنه أيضا يقع في فخ تمجيد وتسويق الإنجازات الإسرائيلية دون أن يقصد وذلك عبر التهويل والمبالغة في تقدم التقنية الإسرائيلية التجسسية أولا وفي تكرار ذكر تنقل الضباط الإسرائيليين على الأراضي اللبنانية بكل حرية وفي إستعادة متكررة لكسر هيبة المقاومة اللبنانية والجيش اللبناني وذلك حين يقول الإعلام مثلا بأن العميل فلان دخل الأراضي الإسرائيلية برا عبر الشريط الشائك ! التعاطي مع إكتشاف الشبكات الجاسوسية يفقد فائدته الردعية والتحبيطية بالنسبة للعدو حين نمنحه فرصة الإفتخار بإنجازاته . الأنكى أن بعض الإعلام اللبناني المعني بالمقاومة يعيد ويكرر لازمة أن الجاسوس فلان تلقى أموالا طائلة من العدو الإسرائيلي . بالأمس قرأت نصا في الصحافة اللبنانية يذكر بأن المحكمة العسكرية اللبنانية أصدرت حكمها النهائي على جاسوس إسرائيلي من آل البسام إعتقل خلال حرب تموز 2006 بينما كان يضع علامات ورقية على الأبنية ما أدى إلى تصويب الطائرات لصواريخها على تلك الأبنية بوصفها مكاتب أو منازل قادة في حزب الله . العميل إعترف ولكنه بعد الوصول إلى المحكمة عاد وتراجع واصفا كل التفاصيل الدقيقة التي قالها في التحقيق عن عمه الجاسوس بأنها من إختلاق خياله . لو أن الجاسوس تراجع عن أقواله بالقول بان قال ما قال تحت التعذيب وأن التفاصيل التي ذكرها سابقا لقنت له لكان نال أسبابا تخفيفية ربما . ولكن قوله بأن إخترع تفاصيل دقيقة عن العمل الأمني هو أمر لا يجب أن يصدقه قاض نزيه والقاضي اللبناني لم يصدقه وقد حكم عليه بعشر سنوات سجن . هذا جاسوس قتل المئات ربما بعمله وفي المقابل نال عشر سنوات سجن . هل هذا حكم ردعي ؟ أؤكد لكم أنه حكم يشجع العملاء الجدد على المضي في عملهم لا بل هو يشجع مع محفزات أخرى على تطوع بعض المحتاجين للعمل مع الإسرائيليين طلبا للمال ما دامت المشاركة في قتل المئات لا يعاقب عليها القانون إلا بعشر سنوات سجن . مهربوا المخدرات والسارقين بقوة السلاح ينالون أحكاما أشد من هذا الحكم ،مع العلم أنه أول حكم شديد ضد جاسوس ففي العادة ينال الجواسيس شهرا وشهرين وإن زادت فإلى ثلاث سنوات كحد أقصى . كان المطلوب أن يعدم هذا البسام أو أن يسجن مؤبدا مع إشاعة أنه يتعرض للتعذيب لا بل المطلوب أن يوضع في عنبر خاص بالمحكومين بتهم القتل ولا بأس إن تعرض للأذى على أيديهم على أن يشاع بأن كل الجواسيس يوضعون في عنابر المحكومين بالقتل حتى لا تكون فترات السجن أيضا مرحلة راحة للجواسيس . الامر الثاني هو إصدار الأحكام الغير علمية على نوعية الجواسيس مثل قول أحدهم بأن الجاسوس أديب العلم هو جاسوس إستراتيجي وهذا فيه ظلم للأجهزة اللبنانية لأنه يعطي الضباط الصهاينة فكرة عن تفاهة تفكير خصومهم وعن عدم مهنيتهم. نموذج عن الجاسوس الإستراتيجي : الجاسوس الإستراتيجي عم عميل متميز يمكنه وحده إحداث تغيير إستراتيجي في موقع عمله أكان بلدا أم أمة أم شعبا ورايا عاما محليا . سأروي قصة جاسوس إستراتيجي كما هي مثبتة في ملفات أمنية رسمية وفي نهاية القصة – التموذج المختصرة ساترك لكم تحديد إسم من ثلاثة أحدها هوالجاسوس الإسرائيلي الإستراتيجي . تذكر الملفات بأن طالبا يدرس في الجامعة الأميركية في بيروت في نهاية العقد السادس من القرن الماضي وقع في قبضة المخابرات الإسرائيلية حيث قدموا له المال اللازم لإكمال دراسته ثم قدموا له راتبا شهريا . إكتشف مدربوا الشاب الإسرائيليين بأن شخصيته لا توحي بما تختزنه من ذكاء وشجاعة وحب للمغامرة . بعض الناس تنظر إلى وجوههم فترى الذكاء والإحتيال والقدرة على التلاعب بالألفاظ بينما الجاسوس اللبناني هذا لم يكن من هذا النوع بل يمكن القول بأن شخصيته تعطي فكرة لمن يعاشره بأنه مسكين وبحاله وتفكيره محدود. بدأ تدريب الشاب على تقنيات جمع المعلومات وسرعان ما إكتشف الإسرائيليين قدرة الشاب على تجنيد غيره فأناطوا به هذه المهمة تحت إشرافهم ، كما أنه خلال العمل المستمر مع الإسرائيليين سافر إلى أكثر من بلد عربي لتأمين مستلزمات لوجستية لعمل أمني إسرائيلي مثل إستئجار السيارات والمنازل بأسماء مزورة ووهمية . في لبنان شارك العميل هذا في جمع المعلومات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية ةقد أظهر قدرة تحليل فجرى تكليفه بدراسات للمجتمع اللبناني من الناحيتين الدينية والإجتماعية . إزدادت أهمية الجاسوس لإسرائيل مع إختراقه لبعض المكاتب القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية حيث إستلم المكتب الذي كان يعمل فيه ،إستلم كشوف حسابات المنظمة ومؤسساتها وكان ذلك كنز لا يقدر بثمن بالنسبة لإسرائيل . الجاسوس الذي تخرج في مجال المحاسبة من الجامعة عمل محاسبا وخبير محاسبة في ذلك المكتب مما أدى بكافة الحسابات المصاريفية للمنظمة إلى الوقوع أيدي الموساد. إندلعت الحرب اللبنانية وكان الشعب اللبناني قد أفرز طبقة من المثقفين المتحررين والتقدميين من كافة الطوائف مما جعل فرص التغييرفي البلد أمرا ممكنا وكان المستفيد من ذلك التغيير هو قوى اليسار والقوميين العرب والشيوعيين وبالتالي كان لبنان قبل الحرب على أهبة الإستعداد لإستقبال مرحلة جديدة يقودها عشرات آلاف المثقفين ممن ملأوا البلد نشاطا سياسيا وثقافيا وفكريا ودعائيا بين الناس. الشعب اللبناني الطائفي الملتحق بالإقطاع السياسي كاد في بداية الحرب الأهلية أن ينتقل إلى مرحلة التنور التي تشبه مراحل تلت الثورة الفرنسية لناحية السعي لنشر العلم والوئام الأهلي على أسس تقدمية مطلبية لا على أسس طائفية. هذا الموضوع هو ما دفع الإسرائيليين إلى توجيه سؤال إلى عملائهم الإستراتيجيين في لبنان والسؤال كان هو التالي : كيف يمكن منع سيطرة النخب التقدمية على الساحة الفكرية في لبنان وكيف يمكننا إبقاء الحس الطائفي والإنقسام المذهبي هو السائد في لبنان. قدم عدد من الجواسيس الكبار ومنهم صحافيون كبار وكتاب أعمدة ووزراء ، قدموا إقتراحات معينة . إلا أن الجاسوس المسمى بالعميل نور عند الإسرائيليين كان له الرأي الحاسم في تشكيل السياسة الرسمية الدولية والإسرائيلية بإتجاه المجتمع اللبناني . كيف ؟ العميل نور كتب في العام 1976 يقول : في البلد حالة من الإحباط في أوساط المثقفين وعودة السلم وتوقف الحرب ستخفف من حدة الإحباط ثم سيعود هؤلاء إلى النضال السلمي ضد الإقطاع والطائفية وبالتالي سيكسبون الساحة سلما ودعاية بما يغير وجه لبنان للأبد من مجتمع وبلد طائفي إلى بلد تقدمي مجتمعه متلاحم خلف المطالب والحاجات الشعبية وفي هذا خطر على إسرائيل لأنه يعني توحد الشعب اللبناني خلف الحاجات المطلبية التي قد تنسحب على الدولة فيسيطر هؤلاء على الدولة ويجعلون منها حصنا للثورة والتقدمية ضد إسرائيل فتصبح دولتهم نموذجا يحتذى وقد يتوحدون على دعم الفلسطينيين فنعود إلى نغمة ثورة ثورة حتى النصر . يتابع العميل نور إقتراحه فيقول : كان الأميركيون قد إقترحوا خلال الحرب نقل الموارنة بالسفن من لبنان إلى أميركا واستراليا وكندا . الخطر على إسرائيل يتمثل في مجموعة مناضلة من المثقفين المتحررين وهؤلاء الآن في حالة إحباط لأنهم توقعوا حسما لصالحهم في المعارك وهو ما لم يحصل . الآن وقبل أن يستعيد هؤلاء وعيهم ونشاطهم فلتتواصل إسرائيل مع الأميركيين لتقديم التسهيلات للمتعلمين وأصحاب الفكر والناشطين المعادين لأميركا حتى مثل اليساريين والقوميين عبر السفارة الأميركية . وفي نفس الوقت علينا العمل على نشر الشائعات عن الفرص الكبيرة المتاحة للبناني في أميركا وفي بلاد مهجرية أخرى . المطلوب نقل طبقة المثقفين القادرة على تغيير وجه لبنان إلى الأفضل من لبنان إلى أميركا . كانوا يريدون نقل نصف مليون ماروني بالبواخر ؟ فلينقلوا بالفيزا والغرين كارد مئة الف مثقف إلى أميركا خلال سنة نقضي حينها على فرص التغيير في لبنان لنصف قرن قادم . فكيف يمكن تغيير المجتمع اللبناني إذا هاجرت الكوادر الغير طائفية والعلمانية والمتنورة والنضالية ؟ خذوهم إلى أميركا لا يبقى في لبنان إلا الرعاع والأزلام والطائفيين . إنتهى إقتراح العميل نور : بمراجعة موجات الهجرة اللبنانية بعد الحرب الأهلية نلاحظ بأن الأميركيين فتحوا أبوابهم لهجرة أعدادمن اللبنانيين لم يكن يتوقع أحد أن تقبلهم أميركا على أراضيها . قادة اليسار من الدرجة الثانية وأساتذة الجامعات ، الأطباء الصحافيين الكتاب المفكرين القادة الميدانيين للأحزاب العلمانية الكوادر المتعلمة . أكثر من مئتي الف لبنان في سنة واحدة إنتقلوا من لبنان إلى أميركا وأستراليا وكندا. شيء لا يصدق لكثافة المهاجرين حيث سرت الإشاعات عبر مكاتب السفر بأن الأميركيين والكنديين والفرنسيين والبريطانيين والأستراليين يسهلون للبنانيين الدخول والحصول على الإقامة الدائمة فورا . كندا مثلا أصدرت قانونا في ذلك الوقت يجيز لدائرة الهجرة تجنيس اللبناني فور وصوله إلى المطار بعد فترة إنتظار بسيطة رغم عدم إمتلاكه مثلا لأوراق هجرة . ـأستراليا فعلت الشيء نفسه . في بداية الثمانينات لم يبقى في لبنان من المثقفين إلا الطائفيين وازلام الزعامات لماذا ؟ لأن الأميركيين ودول إستقطاب الهجرة سهلت للعلمانيين والغير طائفيين الحصول على الفيزا ومعتها عن غيرهم وفقا لمسح أمني حصلوا عليه من المكتب الثاني ومن عدة مصادر منها المخابرات الإسرائيلية . ثلاثين عاما منذ تقرير العميل نور وإقتراحه تهجير المثقفين النضاليين من لبنان وصدق ظنه إذ لا يزال هذا البلد أسير الإنقسام الطائفي الحاد والمفارقة بأن الجاسوس الإستراتيجي نور وصل إلى أعلى المراتب الحكومية . هذا إسمه جاسوس إستراتيجي . أمر آخر إقترحه العميل نور على إسرائيل . في الأشهر التي تلت الهجوم الإسرائيلي على لبنان 1982 ، لاحظ العميل نور بأن الإقتصاد اللبناني لم يتاثر لأنه أولا إقتصاد وهمي . إذ تقوم دعائمه على أمرين . التحويلات من المغتربين (سبعة وخمسين بالمئة من الدخل) والباقي يأتي من زراعة المخدرات ومن الإتجار بها دوليا لحساب تجار يستغلون المزارعين اللبنانيين . ومن غسيل الأموال في البنوك اللبنانية . هذه الأمور الثلاث جعلت من أي ضربة للإقتصاد اللبناني غير ذات جدوى . لذا كتب العميل نور يقول لمشغليه بحسب ملفات أمنية إسرائيلية سربها جواسيس سوفيات في الموساد للكي جي بي : قرأت كتابا يقول فيه زعيم إستعماري بريطاني لمحدثه : إذا أردت أن تسيطر على شعب ما فجوعه . الشعب اللبناني رغم الحرب يعيش في ظروف مادية جيدة. الأعمال تزدهر والتحويلات كثيفة والعائلات تكفي نفسها . أقترح ضرب العملة اللبنانية والتلاعب بأسعارها محليا، فأنا كمحاسب أؤكد لكم بأن تسعين بالمئة من المدخرات التي للعشب اللبناني في البنوك هي بالليرة اللبنانية وضرب سعر صرف الليرة سيؤدي إلى تجويع الشعب اللبناني . هذا إسمه تفكير جاسوس إستراتيجي . فعلا تبنت إسرائيل القادرة عبر البنوك العالمية التي يملكها موالين لها على التلاعب بأي عملة في العالم ونذكر هنا أن الأزمة التي عانت منها دول اسيوية منها ماليزيا قام بها رجل أعمال دولية واحد هوالأميركي سايروس . وقد ذكر ذلك علنا رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد في خضم تلك الأزمة. نلاحظ هنا بأن وصول السيد رفيق الحريري إلى السلطة في لبنان تزامن مع إنهيار كثيف للعملة اللبنانية مقابل العملات الصعبة فهل تلقى الحريري نصيحة من نفس الجاسوس الإستراتيجي الإسر ائيلي الملقب نور ؟
سأترك الجواب لكم ولكني سأعطيكم ثلاث خيارات عن الإسم الحقيقي للجاسوس الإسرائيلي الإستراتيجي ...
1- الخيار الأول : فؤاد عبد الباسط السنيورة
2- الخيار الثاني: فؤاد عبد الباسط
3- الخيار الثالث : فؤاد السنيورة السنيورة كان محاسبا للحريري في فترة إنهيار العملة اللبنانية والحريري متهم منذ ذلك الوقت بأنه عبر بنوكه تلاعب العملة لإسقاط حكومة عمر كرامي في العام 1992.
هل تعرفون من هو صاحب الفضل في ذلك العمل الذي أوصل الحريري إلى الحكم ؟
إنه العميل نور أو فؤاد عبد الباسط السنيورة . الجوع ونشر الفقر في أوساط الشعب اللبناني وهجرة الكوادر المثقفة القادرة على التغيير هي بعض ما قدمه السنيورة لإسرائيل وهذا ما يسمونه جاسوسية إستراتيجية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء ترك رسالتك وفق معاييرك التربوية