ثمة تقاطعات ومخفيات هامة، برزت وطفت على السطح على هامش الفتنة في سوريا، تضع ما تسمى بـ"الثورة السورية" في موضع الاشتباه والشك والريبة، وتجعلنا نقف بالضد منها، ولا نتبناها، وأولى هذه التقاطعات:
1- صفحة "الثورة السورية"، التي تبنت التحرك وتدعو إلى التجمعات وإثارة الشغب، يديرها الأصولي المتطرف المدعو فداء السيد وهو يروج كل الفبركات والأكاذيب والتيوبات المدبلجة ويسرقها من هنا وهناك و"يطبـّقها" على أساس أنها في سورية وقبل قليل (خذوا بالكم من هذه)، وهو ابن قيادي إخواني معرف وفار من سوريا، على خلفية أحداث الثمانينات الدموية وتورطه فيها، وهو المدعو طريف السيد، وما رافق ويرافق هذه الفتنة والحملة من شعارات فئوية طائفية وحقد وتجييش وتحريض طائفي بغيض غريب عن ثقافة السوريين وتعايشهم، ودعوات علنية للثأر والانتقام والقتل.
2- العنف والقتل والإرهاب الدموية على نمط الثمانينات الذي رافق هذه الفتنة ما كرس تبني ووقوف جهات أصولية وإرهابية وراءها وتكديس أسلحة عبر أنفاق تم حفرها من الأردن على غرار الأنفاق الفلسطينية ما يجعلها عدوانية، وما يبعد أية صفة سلمية عن هذه الثورة، وبالتالي سقوط أحد أهم شعاراتها وهو سلمية سليمة.
3- وفي مجتمع متعدد ومتنوع وقائم على التعايش والتسامح، وعلى عينك يا تاجر، ويا ويلكم من الله، يتم إعطاء هوية دينية محددة لهذه الثورة، والاستقواء بقوى وتنظيمات دولية وجهات إقليمية ظلامية، وبالتالي إسباغ غطاء إيديولوجي غير وطني بل تنظيمي أممي إخواني معروف عليها وذلك عبر تزعم وترؤس وتبني القرضاوي للفتنة ودعمه للتمرد المسلح ودعوته للجهاد والقتل والثأر والانتقام.
4- فبروكة ونكتة شاهد العيان أو الزور الكاذب الذي يتحدث من غرفة مجاورة في استديوهات قنوات الدجل الشامل ويحاول تضخيم وتهويل الحدث وإحداث حالة من الهلع والخوف في نفس المتلقي وإظهار أن سوريا باتت حماماً وبركة من الدم، ناهيك عن شاهدات الزور مثل "أم محمد" وسواها، واستخدام النساء الباكيات النائحات المكلومات لاستدرار عطف وحزن المتلقي وأن النظام يرتكب مجازر جماعية في سوريا وما ظهر لاحقاً من فضائح شهود العيان التي توالت وسقوطهم الواحد تلو الآخر وهم يغطون ثورتهم المزعومة من داخل استوديوهات وغرف مغلقة مع مؤثرات صوتية وموبايلات ثريا بات أمر تعقبها على ما يبدو سهلاً وممكناً وهذا ما أدي للقبض على العشرات منهم. (واحد، مثلاً، كان جالساً في دمشق ويعطي شهادته عما يحصل في درعا وآخر أعطى شهادة عن السلمية وهو في اللاذقية).
5- تبني رياض الشقفة، المراقب العام للفرع السوري للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومن إستانبول، وبشكل علني نقلته العديد المحطات ووسائل الإعلام، لعمليات القتل، ووقوفها وراء التحركات والاحتجاجات الأخيرة وأنها هي صاحبتها وصاحبتها الشرعية وتتحمل المسؤولية كاملة عنها.
6- تصريح هيثم المناع علنياً ومن على شاشة قناة الجزيرة، بأن هناك ثلاث جهات، لم يسمِّها، كانت قد طلبت منه إدخال أسلحة لسوريا، وهذا ما يؤكد على الطابع العنفي الإرهابي والدموي لهذه "الثورة" برغم شعاراتها "سلمية ..سلمية" التي كانت تروج لها قنوات الدجل الشامل، ومع اعترافه في تصريح سابق، لذات المحطة القطرية، بأنه كان قد أدخل فعلاً موبايلات "ثريا" للاتصال عبر الأقمار الصناعية، ومعدات اتصالات أخرى، للتهرب من الشبكة السورية ومراقبتها والإفلات من تحكمها بقطع الاتصالات، وذلك تمهيداً لتهريب التيوبات التي سيعمد لاحقاً، ومن قبل القنوات، إياها، على إضافة المؤثرات الخاصة لها. ونهيب بالجميع الاطلاع على تصريحات هيثم المالح لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية بتاريخ 12 إبريل/نيسان، وتأكيده على الطابع العنفي والتمرد والعصيان المسلح للعصابات في بانياس ومن يقف وراءهم ويدعمهم ويمولهم.
7- دخول خدام على خط الفتنة وتعمد إجراء مقابلة معه من قبل محطة البي بي سي عربي، التي كانت –المقابلة- بمثابة شيفرة، وهذا تواطؤ مفضوح وبائن من قبل هذه المحطة حيث تم الهجوم على سيارات "مبيت" عسكرية لجنود وضباط في طريق عودتهم الطبيعية في اليوم التالي بعد الحلقة مباشرة وكان الهجوم عبارة عن تصعيد وتسخين وخطة ومرحلة من مراحل "الثورة" في حال تلكؤها وتعثرها وتباطؤها.
8- التغطية الإعلامية من قنوات باتت مشبوهة ومتهمة وغير بريئة أو حيادية وأخذت طابع الهجوم والتجني والحقد والأحادية والانحياز الأعمى وشيطنة وتأثيم جهة بعينها وتحميلها وزر كل ما يحصل وتجاهل الحقائق على الأرض وشهداء الجيش السوري الذين تمت تصفيتهم غدراً وغيلة، وصارت تتعامل مع الحدث بطريقة عنزة ولو طارت، ومحاولة استخلاق ثورة وهمية من بعض التيوبات وشهود الزور المزيفين فيما المدن السورية كانت تنعم بالأمن.
9- فضائح شهود العيان التي توالت وسقوطهم الواحد تلو الآخر وهم يغطون ثورتهم الزعومة داخل غرف مغلقة مع مؤثرات صوتية وموبايلات ثريا بات أمر تعقبها على ما يبدو سهلاً وممكناً وهذا ما أدي للقبض على العشرات منهم. واحد جالس في دمشق يعطي شهادته عما يحصل في درعا، هكذا.
10- وقوف طابور الردة الجاهلي المعروف وراء هذه الثورة ودعمها وتمويلها والتهليل لها بدء بواشنطن العدو الأول للعرب والمسلمين، مروراً بإسرائيل وليس انتهاء بالبيادق والأدوات الصغيرة البائسة المعروفة في المنطقة، وهذا ما يضع عشرات علامات الاستفهام حول هذه الثورة وهويتها واتجاهاتها وأهدافها الحقيقية في إقامة الإمارات الظلامية.
11- دخول الشيخ الوهابي التكفيري صالح اللحيدان على خط الفتنة عبر دعوته العلنية لقتل سبعة ملايين سوري "علوي" واجداً مبتغاه عند سيده وإمامه وشيخه ابن تيمية، ومستنداً عليه في قوله:"هؤلاء النصيرية في سوريا أولى بالجهاد أن نجاهدهم.."، ومبرراً قتل الأبرياء أيضاً قائلاً: "حتى ولو قتل ثلث الشعب السوري"، على حد قوله حيث قال: "يرى في مذهب مالك انه يجوز قتل الثلث ليسعد الثلثان..." فكيف سنقف مع من يدعو لإبادة الشعوب واستحلال دماء الأبرياء وأية ثورة دموية هذه. المشكلة أن أياً ممن تدعى بمنظمات حقوق الإنسان السوري، والتي تتباكي على أولئك المتمردين، ولا رموز الفتنة في الشرق والغرب، لم تستنكر دعوات القتل هذه التي أطلقها هذان الشيخان التكفيريان علناً وعلى رؤوس الأشهاد. (ربما يؤيدون ذلك). ولن نذكر بخطبة الشيخ عبد السلام الخليلي التي طالت بالسوء مكوناً سورياً غالياً وعزيزاً على قلب كل سوري ومحاولته تشويه تاريخ وسيرة والنيل من شخصيات سورية عريقة وتاريخية لها مكانة خاصة في قلب كل سوري، وكل ذلك بناء على أحقاد وضغائن حاقدة ومريضة وشاذة.
12- وأخيراً، وقد لا يكون آخراً، إن معظم المدن السورية الكبرى، وتسعين بالمائة في حينه من مدينة اللاذقية التي وقعت فيها عمليات قتل وتخريب في البدايات وعاد لها الهدوء التام حالياً، نقول معظم تلك المدن الكبرى كدمشق العاصمة، وحلب، وحماه، والرقة، وإدلب، والقامشلي، والسويداء، والحسكة، ودير الزور، لم يكن فيها تظاهرات مليونية حاشدة تطالب بسقوط النظام، ولو كان هناك تظاهرات على النمط المصري حيث احتل ميدان التحرير ملايين المصريين، لربما انقلبت المعادلة رأساً على عقب، وصار هناك كلام آخر، أما اختلاق ثورة في الفيسبوك ودبلجة التيوبات والقيام بأعمال شغب وقنص للمدنيين واستغلال التجمع للصلاة أيام الجمع لافتعال وإثارة حالة من الهلع والفزع وإيهام الرأي العام بوجود ثورة بمؤازرة دنيئة وخبيثة وخسيسة من إعلام الردة النفطي، فهذا ما لا يمكن أن نطلق عليه ثورة.
بالمناسبة، وللعلم والتنويه والملاحظة، معظم تلك "التيوبات" المهزوزة والمسرّعة تعرض بسرعة فائقة، ولا يتجاوز بعضها الثلاثين ثانية في أحسن الأحوال وهذا يدل على محاولة التهرب من شيء ما وإخفائه عن عين المتابع، فلم لا تعرض على مهل، وهذا دليل فبركتها وزيفها وكذبها وكيديتها وتزويرها وتعمـّد الخداع فيها، مع ملاحظة، ومقارنة المسيرات المليونية التي كانت تجري في مصر، والتي كانت "الكاميرات" الحقيقية، لا الأشرطة المسروقة والمحرّفة، تنقلها وعبر "ساعات" طويلة من ميدان التحرير. لم يحدث ولا مسيرة "مليونية" منظمة ولخمس ثوان فقط في شوارع أي من المدن السورية الكبرى، ولا حتى مسيرة "الفية" ثابتة كلها مسيرات "سريعة" و"مسلوقة سلق" وباستخدام تقنية الـZoom In ، ولا أدري ما هي "قصتها" ولماذا يبدو المتظاهرون الثوار"مستعجلين جداً" مع محطاتهم ولا يظهروا لنا مظاهرة طويلة عريضة "سلمية" تجوب شوارع أي بلدة سورية ولن نطلب منهم، كلا وأيم الحق الذي فيه يمترون، مشاهد لمظاهرات"حاشدة" كما تقول الجزيرة في حلب أو دمشق والسويداء والرقة، وأما هذا التمرد العدواني المسلح والعنف الموجه والمنظم والمدروس وقنص المدنيين والعصيان والتخريب والقتل والتدمير والشعارات والفتاوى التحريضية والطائفية التي صدرت من قبل عصابات في درعا فلا يمكن اعتبارها ثورة بالمطلق، كما لا يمكن تأييدها والوقوف معها بأية حال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء ترك رسالتك وفق معاييرك التربوية