ماذا تريد امريكا من العالم ككل والعربي بالخصوص ؟


انقل لكم ببعض التصرف بعض مما كتبه المحامي محمد احمد الروسان *

انّ سياسة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, لجهة المنطقة العربية بساحاتها القطرية المختلفة, ومنذ ربيع الثورة التونسية والمصرية المجيدتين تحديداً, تمتاز بفعل مشترك مزدوج, لثنائية حربائية – أفعوية رقطاء, فنجد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية, قد ركبت على حصان الحراك, الشعبي العربي وعملت وتعمل على توظيفه, لصالحها ومصالحها في المنطقة,

فهي كما تقول ماكينات اعلامها المختلفة, وبعض من اعلام بعض الساحات السياسية المتحالف معها, أنّ واشنطن تسعى الى نشر الديمقراطيات المفتوحة, وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة, وتؤيد الملكيات الدستورية المقيدة في المنطقة العربية, باعتبار الأخيرة نوع من الديمقراطيات.انّ واشنطن ترسل رسائلها الرأسية والعرضية, لباقي الأنظمة العربية التي ما زالت قائمة حتّى اللحظة, السريّة – المخابراتية والمعلنة, بأنّها سوف تعمل على اسقاطها أو على الأقل, تركها لشأن حراكاتها الشعبية, اذا لم تنخرط وتتساوق في سياساتها, في المنطقة الشرق الأوسطية معها.انّ الثنائية الحربائية – الأفعوية الرقطاء, للسياسة الخارجية الأمريكية الحالية والمستمرة, لا تدفع فقط الى تهديد الأستقرار في المنطقة الشرق الأوسطية, بل وفي العالم أجمع, كما من شأنها وعبر حربائيات - أفعويات سياساتها, أن تهدد الجهود العالمية لمكافحة ما سمي بالأرهاب الأممي.في ظني وتقديري أحسب, أنّ جل تلك السياسة وحراكاتها الدبلوماسية – المخابراتية, ان لجهة الوقائي منها, وان لجهة الهجومي كذلك, تمتاز بأنّها سياسة عدوانية لئيمة, وبالمعنى الدقيق لهذه الكلمة, وخاصةً في ظل الظروف الراهنة في منطقة الشرق الأوسط, وفي نطاقات جغرافية الوطن العربي, وما حدث ويحدث وسيحدث لاحقاً, من ثورات شعبية وحراكات مستمرة, تهيىء في النهاية للأولى, ضد ما هو قائم من أنظمة.فالسياسة الأمريكية الآن في ظاهرها مترددة, ازاء بعض الساحات, وفي باطنها ثابتة وبعمق, في كل ما يخدم مصالح محورها, مع الكيان العبري وكيانات أخرى في المنطقة, وواشنطن ليس لديها ما يمنع, من اسقاط حتّى حلفائها من العرب, فما يهمها مصالحها وأمن " اسرائيل " فقط, هذا وقد أرسلت ادارة أوباما الديمقراطية, بعد ثورتي تونس ومصر مبعوثيها, الى العديد من دول المنطقة, وعلى مستوى الزيارات المعلنة – الدبلوماسية الأمنية, وعلى شاكلة الدبلوماسي وليام بيرنز, ودينس روس وغيرهم, وعلى مستوى الزيارات السرية – الفرق الأستخبارية, مدراء المحطّات المخابراتية ومسؤوليهم, في العاصمة الأمريكية دي سي, كل ذلك بعد التطورات الدراماتيكية – الأستراتيجية الأخيرة, والتي ما زالت تتفاعل ومستمرة في العالم العربي, والتي كانت بمثابة الصدمة والمفاجأة, لكثير من أجهزة المخابرات الدولية, والأقليمية, والمحلية العربية, هناك فشل استخباري شامل واضح, في عمل أجهزة الأستخبار والأستطلاع, وزيارات المبعوثين الأمريكان هؤلاء تأتي في سياق, الدعم للمتبقي منها - أي الأنظمة - معنويا,ً وصرف الكثير من وعود معسول الكلام, وتحت عنوان: اثبتوا ونحن معكم! وهم في الحقيقة لن يكون الاّ مع مصالح بلادهم, وتحالفاتهم مع كيانهم العبري فهم طبقة:kleptocracy أممية في منطقة الشرق الأوسط .الولايات المتحدة الأمريكية, وحلفائها في العالم والمنطقة, يسعون بجد وثبات الى تغيير وتبديل, أنظمة الحكم التي تشكل ( سلّة) من العوائق والمعطيات, والتي من شأنها اعاقة انفاذ السياسة الأمريكية والأوروبية في المنطقة والعالم, حيث الأستبدال بوجوه جديدة مستحدثة, فيها سمات السياسات الأمريكية والأوروبية الخارجية, ويقود ذلك الى جعل تلك الأنظمة الجديدة, ذات الوجوه المستحدثة أو المستنسخة, تحت سيطرة وانفاذ الرؤية الأمريكية والأوروبية.كما أنّها بعمليات الأستبدال هذه, والأحلالات بآخرين موالين لواشنطن والغرب, يتم ضمان السيطرة الأمريكية – الغربية, على النفط والثروات الطبيعية في البلدان العربية, مع التمتع بنفوذ كبير وعميق على المواقع الأستراتيجية, وممرات المياه المختلفة, وما شهدته وتشهده الساحات السياسية العربية, ان لجهة الضعيفة منها, وان لجهة القويّة على حد سواء, في مصر, تونس, ليبيا, اليمن, سوريا, وما يتم التحظير له في المستقبل لبعض الساحات العربية الأخرى, لجعلها ساحات حلول, لمخرجات حلول متعددة, كل ذلك بمثابة وصفة سياسية اجتماعية أمنية محكمة, لأضعاف تلك الأنظمة الحاكمة هناك, ومن شأن تداعيات الحراكات الشعبوية فيها, أن تؤسس لخارطة طريق أمريكية لأستبدالها, خاصة مع ازدياد عدد القتلى والجرحى, وبشكل دراماتيكي يومي ودائم, وتصعيدات للعمليات الأجرامية المتعددة الأطراف الخارجية, والمتقاطعة مع ما هو في الداخل القطري لساحات الأحتجاجات.ولا بدّ من الأشارة الى نقطة مركزية حيوية, لجهة ما يجري من حراك شعبي, هو أنّ المعارضات العربية بشكل عام, ليس لديها برامج محددة لأنقاذ الأوضاع الجارية, والخروج من الأزمات, بل على العكس تماماً, نجدها تلك المعارضات المزدوجة الأهداف, تسعى الى استخدامات الأزمات, كأسلوب ادارة متقدمة, لأزمة صراعها مع أنظمة الحكم التي تواجهها.وهي بذلك قطعاً, من حيث تدري ولا تدري, وكأنّها تتساوق مع رؤية الغرب الأوروبي وواشنطن, حيال حراك الشارع العربي من مائه الى مائه, حيث الغرب وأمريكا, لا يسعون الى انفاذ سياسات الأحتواء لما يجري, ومساعدة كلا الطرفين – الأنظمة والشعوب – للوصول الى تسويات, حقيقية مفصلية دائمة, تجدد نفسها بنفسها, من أجل الحفاظ على استقرار الساحات, بل على عكس ذلك تماماً, وبالمطلق تتموضع بنوك الأهداف, والمعطيات, والأعمال, والرسوم البيانية في قياسات نبض التصعيدات, لجهة المزيد من استفحال الثورات العربية, مع توظيفاتها المتعددة كخادم ومزوّد, لتنتج الفوضى الخلاّقة وعدم الأستقرار, لبناء الملفات الأنسانية والأمنية والعسكرية, ولحماية المدنيين, وفرض مناطق حظر الطيران الجوي, وخطوط طول وعرض مصطنعة, ليصار الى تدخلات أممية عسكرية, وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة, والتي صارت هيئة أممية منتهك عرضها, وشرفها, وأخلاقها, من قبل العم سام وأعوانه الأوروبيين.وعودة الى الوراء بالمعنى الزمني, لستة أشهر خلت على الأقل, كانت عواصم النفاق الأوروبي, تعتبر الزعماء العرب الذين حلًت بساحاتهم ثورات شعبية, أسقطت البعض والبعض الاخر في حالة انتظار وترقب, كانت تلك العواصم تعتبرهم, بمثابة أصدقاء خلص, وأمّا اليوم نجد ذات العواصم, تستخدم خطابات سياسية, وأوصاف وألفاظ تم استخراجها من قواميس لغوية, تناسب أصدقاء الأمس أعداء اليوم, وتنعتهم بألفاظ وصياغات لغوية, تتعفّف بائعات الهوى في مواخيرهم, وساحاتهم الأوروبية من استخدامها.ومع كل أسف نجد بعض قادة العربان, قد تساوقوا مع نظرائهم من الغرب الأوروبي المنافق, انّها مفارقة غريبة عجيبة مضحكة محزنة, تثير التقزّز وتقود الى الأستفراغ المستمر, فكم تغنّت عواصم النفاق الأوروبي, كعواصم عالم متحظر, باحترامها لقواعد القانون الدولي, في حين ما تشهده الساحات العربية المختلفة, من تدخلات غربية وأمريكية في شؤونها الداخلية السيادية, وبشكل مباشر وسافر كالشمس في رابعة نهار عواصمهم, وتحت بصر وسمع هيئة الأمم المتحدة, وأمينها العام بان كي مون, كل ذلك يتنافى ويتجافى ويجانب صواب وروح, قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الأنساني, وتم ارسال المستشارين العسكريين الفرنسيين, والأيطاليين, والبريطانيين, والأمريكيين, وبعض من العربان الى تلك الساحات العربية, وخير مثال على ذلك: ليبيا في موضوعة ومنظومات هذه التدخلات, وجل مهماتهم الأنسانية تتكرّس, في تدريب القوى الشعبية العربية المناهضة, على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والشبه ثقيلة, في مواجهة الأنظمة الحاكمة, مع توفير المعلومات الأستخبارية المختلفة, لتلك القطاعات المدنية الشعبية.كما تم تجميد أرصدة المسؤولين في ليبيا, وسوريا, والقاهرة, وتونس كساحات شهدت ثورات, أسقطت أنظمة قائمة والأخرى ما زالت تشهد, مع تسخينات لساحات مرشحة للحراك أمريكيّاً, حيث تم وضع تشريعات قانونية في برلمانات الغرب الأوروبي, في فرنسا, بريطانيا, ايطاليا, الولايات المتحدة الأمريكية....الخ, لكي يتاح لعواصم هذه الدول, اعادة استخدام هذه الأموال المجمدة, وتحويل جزء يسير منها, الى تلك المجالس الأنتقالية (الكرازاويّة) في ساحات الحراكات, لشراء الأسلحة الفاعلة, لأحداث المزيد من القتل والدم, وبالتالي دموع غزيرة دائمة, لآهالي الضحايا من كلا الطرفين المتصارعين, مع نهب الجزء الأخر من المال المجمّد, لصالح خزانات مالية عواصم, تلك الدول التي ذابت انسانية.وتتحدث المعلومات, أن الأسلاميين في ليبيا, يستعدون لأعلان أول امارة اسلامية في شمال شرق ليبيا, كنواة لسلسلة امارات اسلامية, في كل الساحل الشمالي للقارة الأفريقية, وكذلك الساحل الغربي لهذه القارة, حيث أنّ ما يتم انفاذه في ليبيا من عدم استقرار, سوف يساهم ويدفع في اقناع القادة الأفارقة في القارة السوداء, على نشر القوّات الدولية التابعة للغرب AFRICOM أو على الأقل, اعادة نشرها وتمركزها وفقاً لخارطة عسكرية جديدة في القارة, وبالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي, بدلاً من قوّات الأتحاد الأفريقي.المجتمع الأممي يحتاج, الى وقف قصف حلف الناتو لليبيا, مع التشدد بعدم القيام بعمليات, عسكرية بريّة في ليبيا, كون ذلك يخالف نصوص القرار الدولي 1973 وفيه احتلال لليبيا, الدولة العضو في هيئة الأمم المتحدة, وفي جامعة الدول العربية – جامعة التدويل للشؤون العربية الداخلية, كما يحتاج هذه المجتمع الدولي, الى حوار سياسي عميق بنّاء, بين الأفرقاء الليبيين وتحت رعاية الأمم المتحدة, بعد أن تبتعد الأخيرة عن بيت الطاعة الأمريكية, وعواصم الغرب الأوروبي.ولعلّ انتخاب الدكتور نبيل العربي, وزير خارجية الثورة المصرية, أميناً عاما لتلك المنظمة العربية الأقليمية, منظمة التدويل للشؤون العربية الداخلية, مؤشر ايجابي, لأعادة تلك الجامعة الى رشدها ودورها, الذي قامت من أجله, لا أن تبقى بمثابة من يزوّد الطاحونة الثنائية الحربائية – الأفعوية الرقطاء, لسياسة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي في المنطقة العربية, بالضحايا الأبرياء من الدول والساحات العربية القطرية!.



* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية


Bookmark and Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء ترك رسالتك وفق معاييرك التربوية