الناشط الحقوقي السعودي الشيخ توفيق العامر


الناشط الحقوقي السعودي الشيخ توفيق العامر:
إما ان تغيّر الحكومات سياساتها او أنها ستتغير لا محالة بقوة الشعوب

أكد الناشط الحقوقي السعودي الشيخ توفيق العامر أن هناك ظلما واضحا بحق أبناء المنطقة الشرقية في المملكة السعودية، وكذلك بحق غالبية الشعب البحريني، وسبب هذا الظلم التمييز الذي يمارس بحق هؤلاء على خلفية اعتقادهم الديني. الشيخ العامر وخلال حوار مع موقع "الانتقاد" على هامش ندوة نظمها المعهد الديبلوماسي السويدي في استوكهولم عن المسلمين الشيعة، أكد أن التغيير قادم ولا بد للحكومات من التعامل مع مطالب الشعوب بواقعية بدلا من قتلها وسجنها وإرهابها. وقال إن "الشعوب بدأت برسم السياسات خلافاً لما كان يجري سابقا وهو رسم الحكومات للسياسات". وهنا نص الحوار:

*ما هو سبب زيارتكم للسويد؟


ـ لقد جئت الى استوكهولم تلبية لدعوة رسمية من المعهد الدبلوماسي السويدي، للمشاركة في ندوة عن المسلمين الشيعة ولشرح مظلومية شعبنا الذي يعيش في الجزيرة العربية والبحرين، وأعتقد أنه من المهم جدا ايصال صوتنا الى أوروبا، والسويد هي في قلب اوروبا التي تعتبر رائدة في حقوق الانسان التي تفتقرها منطقتنا.

*ماذا يجري في المنطقة الشرقية في المملكة السعودية؟

ـ ما يحدث هو نفس الامتداد لما حدث في تونس ومصر واليمن، وهذا جاء بسبب الاحتقان الذي تعيشه شعوب المنطقة من خلال الشعور بالمظلومية، والذي يتراءى من خلال عدم وجود قيمة للانسان، وانعدام شعور الشعوب بالكرامة التي يجب ان ينالوها من الحكام، فانفجرت التظاهرات إثر اشتعال البوعزيزي في تونس ثم امتدت الى مصر فاليمن وليبيا، وهذا الشعور يشعر به ابناء الخليج، والذي حدث في البحرين هو أحد اشكال التعبير بعد عقود من التهميش السياسي.

*كيف يعيش المسلمون الشيعة في المنطقة الشرقية؟

ـ هنالك ظلم واضح، ولا يوجد احصائيات رسمية لدى الحكومة السعودية عن أعداد المسلمين الشيعة، وهنالك تغيير في التركيبة الديمغرافية للمنطقة الشرقية التي تطوف على أغنى بقاع الكرة الارضية بالنفط. هنالك مستويات لا يستطيع المسلم الشيعي الوصول اليها في وظائف الأمن ولا حتى على مستوى شركات النفط، كشركة ارامكو، والمسلم الشيعي في المنطقة الشرقية لا يمكنه العمل إلا في المهن الحقيرة. اضف الى ذلك مسألة الضغط الديني، فإغلاق الحسينيات متواصل وكذلك إغلاق المساجد، كما يمنع التعبير عن هذا الوضع بأي صورة من الصور، وأي مسلم شيعي هناك معرّض للاعتقال، والتمييز في الوظائف وصل الى قطاع التعليم، ففي منطقة الاحساء هناك اكثر من 1400 مدرسة ولا يوجد الا ثلاثة مديرين من المسلمين الشيعة!

*لِمَ هذا الإقصاء بتقديرك؟

ـ انت تعلم ان مذهب الدولة السعودية هو المذهب السلفي الوهابي الذي يقوم على التكفير، ويقوم على قمع أي طرف لا يتوافق معه من مذاهب المسلمين الأخرى!

* ما الذي يجري في البحرين وما هي اوضاع الشيعة هناك؟

ـ البحرين قياسا الى عدد السكان هي من أكثر الدول التي يوجد فيها اكبر عدد من حاملي الشهادات التعليمية العالية، والشعب البحريني شعب مثقف وواعٍ، لكنه مسحوق الى ابعد حد، فخرّيجو الجامعات لا يجدون عملا إلا في أعمال كغسيل السيارات. مظاهر الفقر واضحة جدا والأسرة الحاكمة تتحكم بكل شيء، وتوزع كل شيء، فالحكومة اعطيت للأقلية علما ان نسبة السكان من المسلمين الشيعة كانت 85% أما بعد الاجراءات التي غيرت الخارطة الديمغرافية فقد تناقصت الى 70 %. هي نفس حالة التمييز والاقصاء التي نشهدها في السعودية، الا انها أعظم في البحرين، فالنظام القمعي معروف من الثمانينيات ولا يتردد في القتل، وبالعموم فان الشعب البحريني شعب حي وقد ثبت بالتجربة بأنه يقوم بانتفاضة كل 10 اعوام.

*يتهمكم البعض بأن لكم علاقة بإيران؟

ـ المسلمون الشيعة لديهم مجموعة من المراجع وليس مرجعاً واحداً، وللأسف الشديد عوملنا من خلال هذا الاتهام لكي يثبتوا ان الثورة لم تنبع من الشعب! والحقيقة أن مظاهر الفقر والقهر تثبت عكس ذلك... لِمَ يتم التعامل معنا بطريقة طائفية!؟ فالعرب تعاملوا مع الثورة التونسية على أنها جاءت تعبيرا عن حالة ظلم، وهذه قضية واضحة كوضوح الشمس، الا انهم دائما يتهموننا بايران للتهرب والتملص من المسؤولية! الشعب البحريني يريد الحصول على كرامته وحقوقه الانسانية من خلال مشاركة سياسية، وفي بداية الالفية الثانية طرح موضوع المَلَكية الدستورية ووافق عليها الملك، أما الآن فإن الوضع قد اختلف ـ ربما لتأثير تحول البحرين الى ملكية دستورية على المنطقة كلها ـ وتزداد وتيرة مطالبة الشعوب بالمَلَكيات الدستورية في دول الخليج.

* هل الاضطهاد واقع على المسلمين الشيعة دون المسلمين السنة؟

ـ الاضطهاد واقع بصورة أكبر على المسلمين الشيعة، وايضا هنالك مسلمون سنة مضطهدون، وفي السعودية هنالك اضطهاد للمذاهب السنية الأخرى، فلا يستطيع المسلم السني ان يعبّر عن شيء في مناسبة المولد النبوي! فهذا شرك وبدعة! والإقصاء وصل لكل ما هو غير وهابي سواء كان سنيا او شيعيا، والمسلمون السنة والشيعة يتفقون على موضوع واحد وهو اخراج السجناء، والجميع ايدوا المَلَكية الدستورية.


* الملك السعودي يطلب من المظلومين مراجعته لإنصافهم... فهل يراجع المواطنون مكتبه؟

ـ بعد احداث المدينة التي حدثت قبل عامين حاولنا زيارة الملك بوفد من 130 شخصية. في البداية رفضوا المقابلة، وحاولنا بكل الطرق وقررنا عدم الخروج من الرياض ما لم نقابله، الا انهم سمحوا لنا بمقابلة أمير من المستوى الثالث وهو نائب وزير الداخلية، وبعدها وافقوا على زيارة الملك، ولكن بعدد اقل فانسحب الكثير وعادوا. نعم حلت المشكلة، ولكن بعد اصرار شديد جدا، والوفود الاخيرة التي ذهبت من القطيف بخصوص السجناء المنسيين قابلوا الملك، علما ان الحكومة الامريكية قالت ان تفجير الخبر مرتبط بالقاعدة والحكومة السعودية تعرف ان هؤلاء المعتقلين بريئون من هذه التهمة، ومع ذلك ما زالت القضية عالقة برغم زيارة الوفد الشيعي للملك، ولم تحل لغاية الان.

*هنالك اتهامات لحزب الله اللبناني بالتدخل في شؤون البحرين، فما هي طبيعة العلاقة التي تربطكم بالمقاومة اللبنانية؟

ـ هذه كلمة حق يراد بها باطل. من الطبيعي أن يحب المسلم أخاه المسلم، وكلنا يحب بعضاً، وكلنا مسلمون ننتمي الى الاسلام، لكن هذه حجج حكومية يراد منها دق أسفين بين المسلمين السنة والشيعة... الانتفاضات نبعت من واقع الظلم والتهميش والطائفية.


*أنت سجنت اكثر من مرة في السعودية، لماذا وكيف كانت هذه المعاملة؟

ـ أنا سجنت ثلاث مرات، وفي المرتين الاولى والثانية كان السبب أمراً مضحكاً، وهو رفع الأذان! وعندما أذن في مسجدنا اعتقلت مرتين، ولكن المعاملة كانت طيبة. أما في المرة الثالثة فكانت للمطالبة بالملكية الدستورية التي نادى بها المسلمون السنة ايضا وعلى رأسهم الشيخ سلمان العودة، وأنا سجنت لأنني ناديت بها، أما هؤلاء فلا يسجنون! والمعاملة في المرة الاخيرة كانت حسنة باستثناء بعض المواقف، كاضطراري لأكثر من مرة للصلاة والقيود في رجلي! وكانت الصلاة صعبة، ايضا طلبت القرآن الكريم فلم يعطوني اياه! هذه بعض الامور... لكن بالعموم كانت المعاملة حسنة.

*الأوضاع في البحرين واليمن متفجرة، فما هي توقعاتك لمستقبل منطقة الخليج؟

اذا انتصرت الارداة الشعبية في اليمن ستخلق موجة جديدة في المنطقة، والامور ما زالت ساخنة ولا يبدو ان الشعوب ستتوقف، إما ان تغير هذه الحكومات من سياساتها او انها ستتغير لا محالة. على الحكومات تدارك نفسها، والثورات التي تجري تضعف الحكومات اكثر فأكثر، الشعوب اصبحت اكثر ثقة واصبح التغيير أمراً ملحاً وفي سلّم اولويات الشعوب، ولكل شعب ممارسة خاصة، والتغيير قادم ولا بد من التعامل مع مطالب الشعوب بواقعية، وبدلا من قتل الشعوب وسجنها وإرهابها يتوجب الانفتاح عليها، فالشعوب بدأت برسم السياسات خلافاً لما كان يجري سابقا وهو رسم الحكومات للسياسات.


Bookmark and Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء ترك رسالتك وفق معاييرك التربوية